عنوان الفتوى : هل يجوز للرجل مشاهدة البرامج التي تقدمها مذيعات متبرجات أو محجبات
مدة
قراءة السؤال :
دقيقة واحدة
هل يجوز للرجل مشاهدة البرامج سواءً السياسية ، أو غيرها ، التي تقدمها النساء المتبرجات، أو حتى المتحجبات فحجابهن يحتاج لحجاب؟ أو بعض المسابقات التي تشارك فيها النساء المتبرجات؟؟ وهل يجوز للشيوخ الظهور في برامج أمام مذيعات متبرجات، بل وضيفات في البرنامج أيضا معهم؟
مدة قراءة الإجابة :
5 دقائق
الحمد لله.
أولا :
أمر الله تعالى عباده المؤمنين أمرا عاما بغض أبصارهم عما لا يحل لهم من النظر إلى العورات والمحارم ؛ فقال تعالى : ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ) الآية ، النور/30-31
قال ابن كثير رحمه الله : " هذا أمر من الله تعالى لعباده المؤمنين أن يغضوا من أبصارهم عما حرم عليهم ، فلا ينظروا إلا إلى ما أباح لهم النظر إليه ، وأن يغضوا أبصارهم عن المحارم ، فإن اتفق أن وقع البصر على مُحرَّم من غير قصد، فليصرف بصره عنه سريعًا.." انتهى من "تفسير ابن كثير" (6/41) .
ثانيا:
مما ينبغي تقريره هنا معرفة حدود العورة . وقد قال الإمام القرطبي رحمه الله :
" أجمع المسلمون على أن السوأتين عورة من الرجل والمرأة، وأن المرأة كلها عورة، إلا وجهها ويديها ، فإنهم اختلفوا فيهما " انتهى من "تفسير القرطبي" (12/237) ، وينظر: بداية المجتهد ونهاية المقتصد ، لابن رشد (1/99) .
وينظر جواب السؤال رقم (121171) ، ورقم (12371) .
ثالثا :
إذا تقرر ما سبق من أن عورة المرأة بالنسبة للرجل هي : جميع بدنها ، ما عدا الوجه والكفين ، على خلاف معتبر فيهما ؛ فقد ثبت في صحيح مسلم (338) من حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَا يَنْظُرُ الرَّجُلُ إِلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ وَلَا الْمَرْأَةُ إِلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ ) .
قال النووي رحمه الله في شرحه : " وَأَمَّا أَحْكَام الْبَاب : فَفِيهِ تَحْرِيم نَظَر الرَّجُل إِلَى عَوْرَة الرَّجُل , وَالْمَرْأَة إِلَى عَوْرَة الْمَرْأَة , وَهَذَا لَا خِلَاف فِيهِ .
وَكَذَلِكَ نَظَر الرَّجُل إِلَى عَوْرَة الْمَرْأَة وَالْمَرْأَة إِلَى عَوْرَة الرَّجُل حَرَام بِالْإِجْمَاعِ .
وَنَبَّهَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَظَرِ الرَّجُل إِلَى عَوْرَة الرَّجُل عَلَى نَظَرِهِ إِلَى عَوْرَة الْمَرْأَة وَذَلِكَ بِالتَّحْرِيمِ أَوْلَى .." .
ثم قال رحمه الله :
" وَأَمَّا نَظَر الرَّجُل إِلَى الْمَرْأَة فَحَرَام فِي كُلّ شَيْء مِنْ بَدَنهَا "
انتهى من "شرح صحيح مسلم" للنووي .
والحاصل مما سبق :
أن بدن المرأة عورة كله ، بإجماع العلماء ، ما عدا الوجه والكفين ففيهما خلاف معتبر ؛ ولا يحل النظر إلى عورة المرأة ، ولو من غير شهوة ، ولو مع أمن الفتنة ، بإجماع العلماء السابق نقله . وأما الوجه والكفين ففي النظر إليهما من غير شهوة خلاف ، والراجح تحريم النظر إليهما إلا لحاجة تبيح النظر ، كالنظر إلى المخطوبة .
فإذا تبين ذلك ، وعرفنا حال المذيعات في البرامج التلفزيونية ، من التبرج والسفور الواضح ، بل الفاضح ، وتعمد إظهار الزينة : عرفنا أن اللائق بأصول الشريعة ونصوصها ، وما قرره أهل العلم في ذلك ، هو القول بحرمة النظر إلى المذيعات ، حتى ولو قال الناظر إن الفتنة في نظره إليهن مأمونة ، أو أنه لا ينظر نظر شهوة
وأولى من ذلك مشاركتهن في البرامج الحوارية أو غيرها ، ففيه نظر ، وزيادة اجتماع وخلطة بهن.
والمصلحة المعتبرة شرعا من برامجهن ، يمكن تحصيلها بوجوه أخرى ، ليس فيها هذا النظر أو المخالطة
والله أعلم .