عنوان الفتوى : إذا اعترف الزاني بزناه فهل يمكن أن يعفى من الحد
هل هناك مخرج للزانية المحصنة من حد الرجم إن اعترفت و أرادت إقامة الحد عليها و على من شاركها فعلتها؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزانية المحصنة حدها الرجم، والزنا يثبت بالإقرار كما سبق بيانه فى الفتوى رقم : 10849.
وإذا بلغت الحدود الحاكم حَرُم أن يشفع في إسقاطها أحد، أو يعمل على تعطيلها، ويحرم على الحاكم قبول الشفاعة، ويجب عليه إقامة الحد إذا بلغه. فعن عائشة رضي الله عنها أن قريشاً أهمتهم المرأة المخزومية التي سرقت فقالوا: من يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن يجترئ عليه إلا أسامة حِب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((أتشفع في حد من حدود الله؟)) ثم قام فخطب فقال: ((يا أيها الناس إنما ضَلَّ من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق الشريف تركوه، وإذا سرق الضعيف فيهم أقاموا عليه الحد، وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها)). متفق عليه.
ولكن الحدود تدرأ بالشبهات كما صحت السنة بذلك، وقد وردت أمور تدرأ فيها الحدود نذكر منها ما يلي:
جاء فى الموسوعة الفقهية :-لا خلاف بين الفقهاء في سقوط حدّ الزّنى بالشّبهة، إذ الحدود تدرأ بالشّبهات لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «ادرءوا الحدود بالشّبهات»... كما أنّه لا خلاف بين الفقهاء في سقوط حدّ الزّنى بالرّجوع عن الإقرار إذا كان ثبوته بالإقرار... وبقاء البكارة مسقط لحدّ الزّنى عند جمهور الفقهاء، فإذا شهدوا على امرأة بالزّنى فتبيّن أنّها عذراء لم تحدّ بشبهة بقاء البكارة، والحدّ يدرأ بالشّبهات، حيث إنّ الظّاهر من حالها أنّها لم توطأ، ومذهب الحنفيّة والحنابلة أنّه تكفي شهادة امرأة واحدة بعذرتها، وعند الشّافعيّة أربع نسوة أو رجلان أو رجل وامرأتان. واختلف الفقهاء فيما لو ادّعى أحد الزّانيين الزّوجيّة، كأن يقرّ الرّجل أنّه زنى بفلانة حتّى كان إقراره موجبًا للحدّ، وقالت هي: بل تزوّجني، أو أقرّت هي كذلك بالزّنى مع فلان، وقال الرّجل: بل تزوّجتها. فذهب الحنفيّة إلى أنّه لا يحدّ واحد منهما، لأنّ دعوى النّكاح تحتمل الصّدق وهو يقوم بالطّرفين فأورث شبهةً. ثمّ إنّه إذا سقط الحدّ وجب المهر تعظيماً لخطر البضع. وذهب المالكيّة إلى وجوب البيّنة حينئذ على النّكاح. فلو قالت المرأة: زنيت مع هذا الرّجل، فأقرّ بوطئها وادّعى أنّها زوجته فكذّبته ولا بيّنة له على الزّوجيّة فإنّهما يحدّان، أمّا حدّها فظاهر لإقرارها بالزّنى، وأمّا حدّه فإنّها لم توافقه على النّكاح والأصل عدم السّبب المبيح... وذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى وجوب حدّ الزّنى على المقرّ فقط دون من ادّعى الزّوجيّة فلا يحدّ، لأنّ دعواه ذلك شبهة تدرأ الحدّ عنه، ولاحتمال صدقه لحديث عائشة رضي الله عنها مرفوعاً «ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن كان له مخرج فخلّوا سبيله، فإنّ الإمام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة» فإذا أقرّت المرأة أنّه زنى بها مطاوعةً عالمةً بتحريمه حدّت وحدها، ولا مهر لها مؤاخذةً لها بإقرارها... وروى أبو يوسف عن أبي حنيفة أنّ اعتراض ملك النّكاح أو ملك اليمين مسقط لحدّ الزّنى، بأن زنى بامرأة ثمّ تزوّجها أو بجارية ثمّ اشتراها - وهي إحدى ثلاث روايات عنه - ووجه هذه الرّواية أنّ بضع المرأة يصير مملوكًا للزّوج بالنّكاح في حقّ الاستماع، فحصل الاستيفاء من محلّ مملوك فيصير شبهةً، كالسّارق إذا ملك المسروق، والرّواية الثّانية هي رواية عن أبي حنيفة وهي أنّه لا يسقط الحدّ، وهو قول أبي يوسف ومحمّد وهي المذهب عند الحنفيّة... اهـ من الموسوعة الكويتية بتصرف.
فإذا وجد بعض هذه الأسباب للمحصنة الزانية فإنه يدرأ عنها به الحد.
وتجدر الإشارة إلى أنها تستحق حد القذف إذا سمت الشخص الذي زنى بها إذا لم يعترف هو بذلك. كما سبق تفصيله فى الفتوى رقم: 56521.
مع التنبيه على أن إقامة حد الزنا والقذف وباقي الحدود الشرعية من اختصاص ولي أمر المسلمين أو من ينوب عنه
فقط كما سبق تفصيله فى الفتوى رقم :29819.
والله أعلم.