عنوان الفتوى : ماذا تفعل مع زوجها الواقع في الزنا وحملت منه الزانية ؟
زوجي على علاقة محرمة مع امرأة منذ ما يقارب عام ، وهي الآن حامل منه ! وأنا أيضاً حامل ، فهل أتركه أم أبقى معه ؟ إن تلك المرأة مدمنة مخدرات وبالتالي فإن الوليد الذي ستأتي به سيؤول أمر حضانته إلى أبيه والذي بدوره سيحضره إليَّ بالتأكيد ، فهل يتعين عليَّ أن أعتني به وأربّيه ؟ .
الحمد لله.
أولاً:
من المعلوم بالضرورة في الشرع المطهر حرمة الزنا وأنه من كبائر الذنوب ، فعلى من تلبس بهذا الذنب أن يتوب إلى الله تعالى قبل فوات الوقت ، ويشتد تحريم هذه الفاحشة من الرجل المُحصن بزواج ولذا كانت عقوبته الرجم بالحجارة حتى الموت .
وانظري جواب السؤال رقم (97884) .
فإذا ثبت عندك وقوع زوجك في فاحشة الزنا ، إما باعترافه لك ، أو ببينة شرعية على ذلك : فانصحيه بتقوى الله ، والكف فوراً عن علاقته الآثمة بتلك المرأة ، وأن يُكثر من الأعمال الصالحة ، وأن يحرص على الرفقة الطيبة التي تدله على الخير والطاعة ، وتحذره من الشر والمعصية .
ثانياً:
لا يحل للمرأة أن تتزوج من عُرف بالزنا إلا أن يتوب توبة صادقة ، ومن تزوجت من زانٍ فهي آثمة وعقدها باطل ، ومن تزوجت من عفيف ثم وقع بعد زواجه في الزنا فإن العقد لا ينفسخ بمجرد وقوعه في الزنا ، ولكن هذا لا يعني أن تقبل به الزوجة زوجاً لها ، إذا لم يترك ما هو عليه من فعل للفاحشة ، ولذا فنرى لكِ – أختنا السائلة – أنه إن لم ينته عن ذلك ؛ فلا تستمري معه في علاقة الزوجية ، بل بادري إلى إنهاء علاقتك الزوجية به ، إما عن الطريق الطلاق ، أو الخلع .
ولتعلمي أن استمرار الزوج بالزنا له آثاره السيئة على أهل بيته من زوجته وأولاده من الناحية السلوكية ومن الناحية الصحية ، فلا تخاطري بالبقاء معه إذا لم ينته ويترك معصيته .
وانظري جوابي السؤالين (101771) و (110141) .
ثالثاً:
بما أنَّك تعيشين في غير بلاد الإسلام ، فالقانون في هذه البلاد يُلزم الزاني بإلحاق والد الزنا بنسبه ، ويلزمه أيضا بالنفقة عليه ورعايته ، وفي هذه الحال فلن يتعيَّن عليك – شرعاً – خدمة الطفل ورعايته ورضاعته ، حتى لو كان ابناً لزوجك من زواج حلال ؛ إلا أن تفعلي ذلك عن رضا وطيب نفس .
قال ابن قدامة – رحمه الله - :
فإنه – أي : الزوج - لا يملك إجبارها على رضاع ولده من غيرها ، ولا على خدمته فيما يختص به .
" المغني " ( 9 / 313 ) .
وعَنْ جَابر بنِ عبدِ الله عن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( تَزَوَّجْتَ ؟ ) قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ ( بِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا ؟ ) قُلْتُ : بَلْ ثَيِّبًا قَالَ ( أَفَلَا جَارِيَةً تُلَاعِبُهَا وَتُلَاعِبُكَ ) قُلْتُ : إِنَّ لِي أَخَوَاتٍ فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَتَزَوَّجَ امْرَأَةً تَجْمَعُهُنَّ وَتَمْشُطُهُنَّ وَتَقُومُ عَلَيْهِنَّ .
البخاري ( 1991 ) ومسلم ( 715 ) .
قال النووي – رحمه الله - :
وفيه : جواز خدمة المرأة زوجها وأولاده وعياله برضاها ، وأما من غير رضاها فلا .
" شرح مسلم " ( 5 / 203 ) .
وقال ولي الدين العراقي – رحمه الله - :
وفيه : جواز خدمة المرأة زوجها وأولاده وأخواته وعياله ، وأنه لا حرج على الرجل في قصده من امرأته ذلك ، وإن كان ذلك لا يجب عليها وإنما تفعله برضاها .
" طرح التثريب " ( 7 / 112 ) .
وخلاصة ما ننصحه بك :
أنه إذا لم يتب زوجك ، ويترك ما هو عليه من أمر الزنا : أن تفارقيه ، وتتركيه وولده .
لكن إن تاب من ذلك ، وبدا لك أنه ندم على ما قدم ، وغلب على ظنك صلاح أمره : فليس عليك حرج في أن تستمري معه ، وننصحك بأن تعينيه على العناية بهذا الولد ، ورعايته ؛ عسى الله أن يأجرك بذلك ، ويخلف لك منه خيرا ، ولعل هذا الولد أن يصلح حاله ، بدلا من أن يترك لحضانة الكفار ، وتربيتهم .
والله أعلم