عنوان الفتوى : تزعم أن زوجها ملتزم وقد اعترف لها بأنه يزني ! فماذا تفعل؟
أنا سيدة متزوجة منذ 16 سنة ، ولدي 3 أطفال ، زوجي يصلي الصلاة في أوقاتها ، ويقوم لصلاة الفجر ، ويقرأ القرآن ، ويصوم التطوع ، باختصار : تصرفاته تبين لي أنه رجل ملتزم ، وأنا أثق فيه ثقة عمياء ، نكوِّن بيتاً يضرب به المثل في التفاهم والتعاون ، وفجأة تأتيني صاعقة ، وهو أنه زاني من الدرجة الأولى ! وأنه حاول عدة مرات مع الخادمة عندنا في البيت ، ولكنها كانت ترفض ، وحاول مع صديقات أختي عندما نذهب إلى بيت الوالدين ، وكانت له علاقة مع سيدة متزوجة ، وزوجها بأرض المهجر ، وكل هذه الأخبار صحيحة لأنه اعترف . أنا لا أعرف كيف أتصرف ، ولكني أصبحت أكرهه ، ولا أتصور أنني سأقدر على العيش معه ، أفكر كثيراً في الطلاق ، ولكن أولادي ، ماذا أفعل ؟ . ملحوظة : أنا مالكة البيت ، والسيارة ، ولي راتب شهري لا بأس به ، ملتزمة أكثر منه ، لا أستمع للموسيقى ، وكنت أمنعه كذلك ، ومتحجبة ، وأوقظ أولادي - 14 و 11 سنة - لصلاة الفجر ، ولله الحمد ، ولا نتفرج إلا على القنوات الإسلامية ، والحمد لله ، ونحن بيت ملتزم على قدر المستطاع ، وما فعلته هو أني طردته من المنزل ، وأخذت السيارة ، وأريد أن أعرف التصرف الذي يرضي الله عز وجل في هذا الموقف ، لقد سبق لي أن أرسلت سؤالاً ، ولم أتوصل بالجواب ، وهو يتعلق بمنزلي لأنني اشتريته بقرض ربوي ، ولم أكن وقتها على علم بحرمته ، فالمدة المتبقية لاستكمال القرض هي 7 سنوات ، هل يجب أن أبيعه وأكتفي بكراء منزل آخر ، أو ماذا ، خصوصا وأنا في هذه الظروف ؟ .
الحمد لله
أولاً :
فتنة النساء هي أضر فتنة على الرجال ، وهي أول فتنة كانت لبني إسرائيل ، لذا فإن
الشريعة المطهرة قد جاءت أحكامها واضحة وصريحة في تحريم الخلوة بالنساء الأجنبيات ،
وتحريم النظر إليهن ، وتحريم مصافحتهن ، والاختلاط بهنَّ ، وغير ذلك من الخطوات
التي تؤدي بالمسلم للوقوع في فاحشة الزنا ، ومن تجرأ على شرع الله فأطلق لنفسه
العنان في أن تفعل ما تشتهي وتهوى وقع على أم رأسه ، وقادته الخطوة إلى أختها ، حتى
تصل به إلى الهاوية .
عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مَا
تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ ) .
رواه البخاري ( 4808 ) ومسلم ( 2740 ) .
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ ، وَإِنَّ
اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ، فَاتَّقُوا
الدُّنْيَا ، وَاتَّقُوا النِّسَاءَ ، فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ
كَانَتْ فِي النِّسَاءِ ) رواه مسلم ( 2742 ) .
وعلى الزوجة التي تعلم من زوجها وقوعه فيما حرَّم الله مع النساء الأجنبيات أن
تسارع إلى تذكيره بتقوى الله ، وأن تخوفه من أليم عذابه ، وأن تقطع الطريق على
الشيطان أن يقوده إلى الرذائل والفواحش ، وأن تبحث عن الأسباب التي أدَّت به إلى
الوقوع في هذه المحرمات فتعالجها ، فلا تبق خادمة في بيتها ، ولا تمكنه من النظر
إلى صاحباتها ، أو الخلوة بهن ، أو الحديث معهن ، كما عليها أن تبحث في نفسها فقد
تكون مقصرة في حقه في الفراش ، ولا تشبع رغبته بسبب عملها ، أو انشغالها ، وهذا كله لا يعني أنه يحل له ما فعله – إن ثبت عنه – فالزنا من كبائر
الذنوب ، وهو متزوج ، وعقوبته الرجم حتى الموت ، وإنما نريد علاج واقع أمامنا ،
وليس هناك من يعين الأمة على حفظ أعراضها من قوانين وأنظمة وأحوال ، بل كل ما في
الدنيا يصب في تأجيج الشهوة ، وإطلاق العنان لأهلها لتفريغها حيث شاءوا ، ونظرة إلى
الفضائيات ، وعامة وسائل الإعلام تعرِّف الجاهل صدق قولنا .
ومن المهم أن تنظري في جواب السؤال رقم (
7669 ) ففيه بيان
كيف تتعامل الزوجة مع زوج يشاهد الأفلام الجنسية ولا يُعطيها حقّها .
ثالثاً :
اتخاذ خادمات في البيوت له مفاسد لم تعد تخفى على أحد ، وكم تسبب وجود الخادمات في
كثير من المشكلات في بيوت المسلمين ، ووقع كثيرون في المعاصي الصغيرة والكبيرة بسبب
ذلك .
ويرجى النظر في جواب السؤال رقم (
26282 ) ففيه
زيادة بيان حول مفاسد إحضار الخادمات ، وشروط جواز ذلك .
رابعاً :
الذي ننصحك به تجاه زوجك بعد أن اعترف لك أنه وقع في الزنا :
1. أن تعظيه ، وتخوفيه بالله تعالى أن يتوب ويستغفر ويندم على ما فات من فعاله
القبيحة .
2. فإن لم يستجب لهذا ، ولم يكف عن ملاحقة النساء ، ويترك الزنا : فاطلبي الطلاق
منه ، فإن لم يرض به : فارفعي أمرك للقضاء ليتم تطليقك منه ، فإن لم يتم هذا الفراق
إلا بالخلع : فخالعيه ، وادفعي ما يطلبه للفكاك منه ، وتخليص نفسك من سوئه وشرِّه .
واعلمي أن خطر الزوج الزاني لا يلتصق به وحده ، بل يتعداه إلى أولاده ، وإليك أنتِ
! إلى أولاده بسكوته عما يفعلونه من محرمات ومنكرات ، وقد يكون بإشراكهم في أفعاله
القبيحة ، ويتعداه إليكِ أنتِ بما يمكن أن يؤثر زناه على حالك .
فقد يتلاعب الشيطان بالمرأة ويزين لها
أن تقع في الحرام هي الأخرى مغايظةً لزوجها ، ومقابلة له على فعله .
فإن هي استجابت للشيطان في ذلك فقد خسرت خسراناً مبيناً .
وانظري كلاماً لشيخ الإسلام رحمه الله في ذلك في "مجموع الفتاوى" (32/120، 121) .
وخلاصة القول : إما أن يتوب توبة صادقة ، وإما أن تسعي لمفارقته ، بطلاق ، أو خلع .
واستعيني بالله تعالى دعاءً ، وتضرعاً لهدايته أو التخلص منه ، واستعيني بعقلاء
أقاربك لتخليصك منه إن لم يتب من ذنبه ، وإياكِ أن تجعلي أولادكِ مانعاً من فراقه ،
فبفراقه تحافظين عليهم ، وتحمينهم من سوئه وشرِّه ، وبفراقه تستطيعين تربيتهم
بعيداً عن مكامن الشر ودواعي الفتنة .
خامساً :
وأما بخصوص بيتك الذي اشتريتيه بقرضٍ ربوي : فكلما تعجلت في سداد هذا القرض والتخلص
منه فهو الأولى ، ولكن لا يجب عليك ذلك ، فلا يلزمك بيع الشقة لتعجيل سداد القرض ،
وتكفيك التوبة والندم على ما فات والعزم على عدم العودة إلى ذلك .
وانظري جواب السؤالين (85562)
و (22905) .
والله أعلم