عنوان الفتوى : ماذا تفعل من تعاني بعد طلاقها الوحدة والرغبة
بعد فترة طويلة من الطلاق، بدأ العذاب والألم العقلي والروحي من آثار الوحدة يأخذ مأخذه في صحتي، وجاء ذلك في شكل الكثير من الأمراض الغير معروفة الاسم ، نتيجة للرغبة والشهوة ، وهي ليست حقيقة خفية أن الطبيعة البشرية عرضة للكثير من الخطايا والذنوب ، إذا لم يتم الاستجابة لرغبات واحتياجات هذه الطبيعة البشرية ، وفي مثل هذه الظروف ما هي الأفعال التي تجوز أن تقوم بها النساء المطلقات، خاصة إذا ما كانت لا تريد انتهاك حدود الإسلام؟
الحمد لله
أولا :
نسأل الله تعالى أن يمن عليك بنعمة الأنس بالله ، فلن يأنس بمثل الأنس به ولن يسعد
بأحد كما يسعد بالله , ولن يطمئن قلبه بأحد كما يطمئن بالله قال الله تعالى : (
الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ
اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) الرعد/28 .
فالجئي إليه سبحانه ، وأكثري من الدعاء والتضرع لله , أن يفرج كربتك ، ويؤنس وحشتك
، وأن يعفك ، ويغنيك ، وليس الزواج هو الغاية ولا الطلاق هو النهاية , فكم من
متزوجة وهي في منتهى الشقاء , وكم من مطلقة وهي في قمة السعادة , فالعبرة بالرضا عن
الله في أفعاله وأقداره فحينما يشعر الإنسان بالرضا عن الله فسوف يصل إلى مرضاة
الله وهذه هي السعادة وهؤلاء من قال الله تعالى عنهم : ( رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ
وَرَضُوا عَنْهُ ) المجادلة /22 .
وقد سبق في موقعنا الجواب عن
مثل حالتك بجواب شاف عن من تعاني من الوحدة والضيق بعد الطلاق وتبحث عن الحل في
جواب السؤال رقم (65922) فراجعيه
للأهمية .
ثانيا :
مقاومة الغريزة والشهوة الجنسية يحتاج إلى خطوات عملية ، وقد سبق بيان ذلك في جواب
السؤال رقم (20161) ورقم (26811)
.
واعلمي أن الاستمناء محرم لأدلة سبق بيانها في جواب السؤال رقم (329)
.
لكن أجاز بعض الفقهاء
الاستمناء عند خوف الإنسان على دينه أو بدنه ، من باب ارتكاب أخف المفسدتين .
سُئِلَ شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن " رجل يهيج عليه بدنه فيستمني بيده ...
وهو يعلم أن إزالة هذا بالصوم لكن يشق عليه .
فأجاب : أما ما نزل من الماء بغير اختياره فلا إثم عليه فيه , لكن عليه الغسل إذا
نزل الماء الدافق . وأما إنزاله باختياره بأن يستمني بيده فهذا حرام عند أكثر
العلماء ; وهو إحدى الروايتين عن أحمد ، بل أظهرهما . وفي رواية : أنه مكروه ؛ لكن
إن اضطر إليه ، مثل أن يخاف الزنا إن لم يستمن , أو يخاف المرض , فهذا فيه قولان
مشهوران للعلماء , وقد رخص في هذه الحال طوائف من السلف والخلف , ونهى عنه آخرون ,
والله أعلم "
انتهى من "الفتاوى الكبرى" (1/ 302) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه
الله : " قال : ( ومن استمنى بيده بغير حاجة عُزِّر ) ... وقوله ( بغير حاجة ) أي
من غير حاجة إلى ذلك ، والحاجة نوعان : حاجة دينية ، وحاجة بدنية .
أما الحاجة الدينية : فهو أن يخشى الإنسان على نفسه من الزنا ، بأن يكون في بلد
يتمكن من الزنا فإنه يقول : إذا اشتدت به الشهوة فإما أنه يطفئها بهذا الفعل ، وإما
أن يذهب إلى أي مكان من هذه البغايا ويزني ، فنقول له هنا : هذه حاجة شرعية ؛ لأن
القاعدة المقررة في الشرع أنه يجب أن ندفع أعلى المفسدتين بأدناهما ، وهذا ما يوافق
العقل ، فإذا كان هذا الإنسان لابد أن يأتي شهوته ، فإما هذا وإما هذا ، فإنا نقول
حينئذ : يباح له هذا الفعل للضرورة .
أما الحاجة البدنية : فأن يخشى الإنسان على بدنه من الضرر إذا لم يخرج هذا الفائض
الذي عنده ، لأن بعض الناس قد يكون قوي الشهوة فإذا لم يخرج هذا الفائض الذي عنده
فإنه يحصل به تعقد ، يكره أن يعاشر الناس ويجلس معهم .
فإذا كان يخشى على نفسه من الضرر فإنه يجوز له أن يفعل هذا الفعل لأنها حاجة بدنية
، فإن لم يكن بحاجة، وفعل ذلك فإنه يُعَزَّر، أي: يؤدب بما يردعه . "
انتهى من "الشرح الممتع" (14/318) .
نسأل الله أن يرزقك الهدى والتقى ، والعفاف والغنى ، وأن يرزقك الزوج الصالح ،
والذرية الطيبة
والله أعلم .