عنوان الفتوى : تعطيل إقامة الحدود عن بعض الناس من أسباب هلكة بني إسرائيل
هناك دول عربية يُقام فيها الحد على الفقير والضعيف ولا يقام فيها على الأمير وذي السلطان، فما خطورة هذا الأمر على الدولة وعلى المجتمع؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد شرع الله الحدود لحكم جليلة ومصالح عظيمة، فهي رحمة بالخلق، بالمحدود حيث تكون كفارة له، وبالأمة حيث ينزجر بها من سولت له نفسه مواقعة ما يوجبها، قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله: فإن إقامة الحد من العبادات كالجهاد في سبيل الله فينبغي أن يعرف أن إقامة الحدود رحمة من الله بعباده، فيكون الوالي شديدا في إقامة الحد، لا تأخذه رأفة في دين الله فيعطله ويكون قصده رحمة الخلق بكف الناس عن المنكرات، لا شفاء غيظه وإرادة العلو على الخلق. انتهى.
وتعطيل إقامة الحدود أو إقامتها على بعض الناس دون بعض يفوت هذه المصالح العظيمة فضلا عما فيه من مخالفة أمر الله تعالى والتعرض لسخطه، ولذا كان من أسباب هلكة بني إسرائيل إقامتهم الحدود على الوضعاء دون الشرفاء، جاء في قصة المخزومية التي سرقت وأراد أسامة ـ رضي الله عنه ـ الشفاعة لها، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أسامة أتشفع في حد من حدود الله؟! إنما هلك بنو إسرائيل أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، والذي نفسي بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها.
قال شيخ الإسلام: فبين النبي صلى الله عليه وسلم: أن هلاك بني إسرائيل، إنما كان في تخصيص رؤساء الناس بالعفو عن العقوبات، وأخبر أن فاطمة ابنته ـ التي هي أشرف النساء ـ لو سرقت، وقد أعاذها الله من ذلك، لقطع يدها، ليبين أن وجوب العدل والتعميم في الحدود، لا يستثنى منه بنت الرسول، فضلا عن بنت غيره. انتهى.
فأمر كان سبب هلاك بني إسرائيل كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم لا يقدم عليه من يخشى الله تعالى ويخاف عاقبة ما يفعل.
والله أعلم.