عنوان الفتوى : تفسير آية: عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة.
هل هناك أحد من أهل العلم فسر قوله تعالى: (عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة ) بمعنى آخر غير تفسيرها بإسلام أبي سفيان؟ وإذا كان يوجد أحد فالرجاء ذكره، وهل هو معتبر أم لا؟ .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه قد ذكر بعض أهل العلم أن هذه الآية نزلت في أبي سفيان، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج ابنته فكانت هذه مودة ما بينه وبينه.
وهذا القول معزو لمقاتل والواحدي وبعض أهل العلم، ولكن هذا الآية لا تخص أبا سفيان وحده فهي له ولغيره .
وفي التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزي: {عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة }. لما أمر الله المسلمين بعداوة الكفار ومقاطعتهم فامتثلوا ذلك على ما كان بينهم وبين الكفار من القرابة، فعلم الله صدقهم فآنسهم بهذه الآية، ووعدهم بأن يجعل بينهم مودة، وهذه المودة كملت في فتح مكة فإنه أسلم حينئذ سائر قريش، وقيل : المودة تزوج النبي صلى الله عليه وسلم أم حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب سيد قريش، ورد ابن عطية هذا القول بأن تزوج أم حبيبة كان قبل نزول هذه الآية .اهـ
وفي فتح القدير للشوكاني: عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة. وذلك بأن يسلموا فيصيروا من أهل دينكم، وقد أسلم قوم منهم بعد فتح مكة وحسن إسلامهم ووقعت بينهم وبين من تقدمهم في الإسلام مودة وجاهدوا وفعلوا الأفعال المقربة إلى الله، وقيل المراد بالمودة هنا تزويج النبي صلى الله عليه و سلم بأم حبيبة بنت أبي سفيان، ولا وجه لهذا التخصيص وإن كان من جملة ما صار سببا إلى المودة، فإن أبا سفيان بعد ذلك ترك ما كان عليه من العداوة لرسول الله صلى الله عليه و سلم ولكنها لم تحصل المودة إلا بإسلامه يوم الفتح وما بعده. اهـ.
وفي تفسير الألوسي:{ عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم }. أي من أقاربكم المشركين { مودة } بأن يوافقوكم في الدين ، وعدهم الله تعالى بذلك لما رأى منهم التصلب في الدين والتشدد في معاداة آبائهم وأبنائهم وسائر أقربائهم ومقاطعتهم إياهم بالكلية تطييبا لقولهم ، ولقد أنجز الله سبحانه وعده الكريم حين أتاح لهم الفتح فأسلم قومهم فتم بينهم من التحاب والتصافي ما تم، ويدخل في ذلك أبو سفيان وأضرابه من مسلمة الفتح من أقاربهم المشركين . وأخرج عبد بن حميد . وابن المنذر . وابن عدي . وابن مردويه . والبيهقي في الدلائل . وابن عساكر من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال : كانت المودة التي جعل الله تعالى بينهم تزوج النبي صلى الله عليه وسلم أم حبيبة بنت أبي سفيان فصارت أم المؤمنين وصار معاوية خال المؤمنين، وأنت تعلم أن تزوجها كان وقت هجرة الحبشة، ونزول هذه الآيات سنة ست من الهجرة فما ذكر لا يكاد يصح بظاهره، وفي ثبوته عن ابن عباس مقال. اهـ.
والله أعلم.