عنوان الفتوى : يفكر في عدم الزواج لما فيه من أعمال بهيمية بزعمه
أنا أفكر في عدم الزواج لأني أرى أن الأشخاص الذين يتزوجون يصبحون مثل الحيوانات أكرمكم الله ويفعلون أشياء عادة تفعلها الحيوانات والذين ليس لهم أخلاق ولا تختلف عنهم في شيء أم ماذا ؟ أفيدوني أفادكم الله .
الحمد لله
الزواج نعمة من نعم الله تعالى ، وفطرة فطر الله الناس عليها ، وسنة من سنن
الأنبياء والمرسلين ، ووسيلة إلى بقاء النسل ، وعمران الأرض ، والقيام بالتكاليف .
قال الله تعالى : ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ
أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ
فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) الروم/21 .
وروى البخاري (5063) ومسلم (1401) عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
قال : جَاءَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا ، فَقَالُوا : وَأَيْنَ
نَحْنُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا
تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ .
قَالَ أَحَدُهُمْ : أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا . وَقَالَ
آخَرُ : أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلَا أُفْطِرُ . وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَعْتَزِلُ
النِّسَاءَ فَلَا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا . فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ : (أَنْتُمْ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا
وَكَذَا ؟ أَمَا وَاللَّهِ ، إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ ، وَأَتْقَاكُمْ لَهُ ،
لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ ،
فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي) .
والرجل مفطور على الميل إلى المرأة ، والمرأة مفطورة على الميل إلى الرجل ، ولا
سبيل إلى تلبية تلك الفطرة بطريقة مستقيمة طاهرة إلا بالنكاح .
وقد أودع الله هذه الرغبة في النفوس ، لحِكَمٍ عظيمة ، منها – كما سبق – : استمرار
النسل ، وعمارة الأرض ، وتحقيق الأنس والراحة والمتعة واللذة ، كما قال النبي صلى
الله عليه وسلم: ( الدُّنْيَا مَتَاعٌ ، وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ
الصَّالِحَةُ ) رواه مسلم (1467) .
ومنها : تحصيل الأجر ، كما قال صلى الله عليه وسلم : (وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ
صَدَقَةٌ . قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَيَأتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ
وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ ؟ قَالَ : أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ
أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ ؟ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ كَانَ
لَهُ أَجْرًا ) رواه مسلم (1006).
وكون الحيوان يتزوج ويعاشر ، لا يعني أن الزواج نقص ، وأن المعاشرة عيب أو مذمة ،
فإن الحيوان يأكل ويشرب وينام ، فهل يقول أحد : إن ذلك قبيح لمشابهته فعل الحيوان !
بل اشتراك الأحياء في التزاوج دليل على أنه سنة من سنن الحياة ، وفطرة لا يرغب عنها
إلا من شذ .
وأما الذين لا خلاق لهم فهم الذين يتعدون حدود الله ، ويضعون شهوتهم فيما حرم الله
، ولا مقارنة بين هؤلاء ، وبين من يستبيح الفرج بكلمة الله ، ويتزوج على سنة رسول
الله صلى الله عليه وسلم .
ولو أن رجلاً ترك الزواج لعدم حاجته إليه ، أو لأنه مشغول بما هو أهم ، لم يكن عليه
إثم ولا حرج .
ولكن الإثم والحرج على من يحرم ما أحل الله ، ويذم ما أمر الله به ، ويسيء الظن بما
فعله صفوة الخلف : (الأنبياء والمرسلين) قال الله تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا
رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ
لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ)
الرعد/38 . فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ، ودع عنك هذه الأفكار ، وهيئ نفسك
لإقامة البيت المسلم ، وإنجاب الذرية الصالحة ، واختر لنفسك ما اختاره الله تعالى
لصفوة رسله وأفضل خلقه محمد صلى الله عليه وسلم ، فإنه تزوج ، ورَغَّب في الزواج ،
وحث عليه .
والله أعلم .
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |