عنوان الفتوى : الفرق بين الملحد والمشرك
ما حكم من يقول إن هناك فرقا بين الملحد والمشرك ولكنه يؤمن بكفر الاثنين؟ وما حكم من كره الأطفال؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالفرق بين الملحد والمشرك صحيح مع أن كلا منهما كافر، فالملحد أعم من حيث المعنى من المشرك ذلك أن المشرك قد يكون مؤمنا بالله تعالى لكنه يشرك به غيره، وقد يسمى هذا الشرك إلحادا، كما في قوله تعالى: وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ {الأنعام: 180 }
قال الطبري في تفسيره: أصل الإلحاد في كلام العرب العدول عن القصد والجور عنه والإعراض ثم يستعمل في كل معوج غير مستقيم، ولذلك قيل للحد القبر: لحد لأنه في ناحية منه وليس في وسطه يقال منه: ألحد فلان يلحد إلحادا ولحد يلحد لحدا ولحودا، واختلف أهل التأويل في تأويل قوله: فقال بعضهم: يكذبون، وقال آخرون: معنى ذلك: يشركون، وقد كان إلحاد المشركين في أسماء الله أنهم عدلوا بها عما هي عليه فسموا بها آلهتهم وأوثانهم وزادوا فيها ونقصوا منها فسموا بعضها اللات اشتقاقا منهم لها من اسم الله الذي هو الله، وسموا بعضها العزى اشتقاقا لها من اسم الله الذي هو العزيز. انتهى منه بتصرف.
أما الملحد بالمعنى الأعم فهو الذي ينكر وجود الله تعالى، جاء في الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة: الإلحاد مذهب فلسفي يقوم على إنكار وجود الله سبحانه وتعالى، ويذهب إلى أن الكون بلا خالق، وينكر الحياة الآخرة، ويرى أن المادة أزلية أبدية. اهـ.
وجاء في الموسوعة الفقهية نقلا عن ابن عابدين: والفرق بين الزنديق والمنافق والدهري والملحد مع الاشتراك في إبطان الكفر أن المنافق غير معترف بنبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم والدهري كذلك مع إنكار إسناد الحوادث إلى الصانع المختار سبحانه وتعالى، والملحد لا يشترط فيه الاعتراف بنبوة نبينا صلى الله عليه وسلم ولا بوجود الصانع تعالى، وبهذا فارق الدهري أيضا، ولا يعتبر فيه إضمار الكفر، وبه فارق المنافق، كما لا يعتبر فيه سبق الإسلام وبه فارق المرتد، فالملحد أوسع فرق الكفر حدا، وأعم في الجملة من الكل، أي هو معنى الكافر مطلقا، تقدمه إسلامه أم لا، أظهر كفره أم أبطنه.
وأما كره الأطفال إن أريد به كره الإنجاب فإنه مخالف للشرع من عدة حيثيات، لأن إيجاد النسل من أعظم المقاصد التي شرع الزواج لأجلها، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم باختيار ذات الدين الودود الولود فقال: تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة. رواه أحمد وصححه الأرناؤوط.
وإن كان الباعث عليه الاقتناع بمزاعم الدعاة لتحديد النسل وما يتخيله بعض ضعاف اليقين والتوكل على الله تعالى وما يوسوس به الشيطان من التفكير فيما يطعمهم به ويكسوهم فإن ذلك يدل على ضعف في الإيمان بالربوبية ورزق الله لكل خلقه فما من مولود يولد إلاّ وقد كتب رزقه وأجله وهو في بطن أمه كما في الحديث الصحيح.
والله أعلم.