عنوان الفتوى : والدها سيء الأخلاق ولا يصلي وقد خرجت أمها من البيت فهل تلحق بها ؟

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

أنا من " تونس " ، وعندي مشكلة عائلية كبيرة ، العلاقة بين أبي وأمي سيئة جدّاً ، أبي لديه صفات سيئة ، فهو لا يصلي أبدا وسيئ الطبع ودائما يعامل والدتي بقسوة حتى إنه لا يتركها تزور والديها إلا مرة في الشهر ، وهو لا يعرف صلة الرحم ، دائما يعاتب ويشتم ويسب ، لدرجة أنها أصبحت تخاف منه كثيراً ، لكنها تحمَّلت من أجلنا حتى كبرنا ، والآن ضاق صبرها ولم تعد تتحمل ، فقررت أن ترحل لدى والديها وأن لا تعود إليه أبدا ، أنا الآن مع والدي وحدنا لأن إخوتي يقيمون في الخارج ، لكني أشعر بعدم الراحة معه ، ومع ذلك بقيت معه لكي لا يبقى وحده ، لكن المشكل الكبير أنه منعني من زيارة أمي ، وطلب مني أن لا أتصل بها ، وقال إنه إن قمت بزيارتها فانه سيكون عدوي ! وبرر ذلك بأنها ذهبت وتركتني ، لكنها لم تتركني وحدي بل تركتني معه ، لذلك قوله هذا أزعجني كثيراً ، فأمي هي قطعة من جسدي ولا يحق له أن يبعدني عنها ، لذلك قررت أن أذهب إلى أمي وأبقى معها ، إذا هل قراري هذا صائب وفي محله أم لا ؟ . أرجو منكم ردّاً سريعاً ، وشكراً لكم ، وجزاكم الله كل خير .

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله
لو كان أمر والدكِ مقتصراً على سوء تعامله مع أمكِ وسوء أخلاقه وعصبيته الزائدة : لكان الأولى بإمك الصبر على شراسته وسوء خلقه ، وكنا نصحناها بذلك ، لأجل رعايتك ، والمحافظة عليك .
أمَا وقد كان من سوء أفعال والدكِ أنه لا يصلي البتة : فإن الأمر هنا له شأن آخر ، فيصير واجباً على أمكِ تركه ولا يحل لها الرجوع إليه وهو على هذه الحال ؛ لأن ترك الصلاة كفر مخرج من الإسلام ، والعقد بينهما يصير مفسوخاً ، ومن الأحكام المترتبة على تركه للصلاة : انقطاع ولايته عليكِ ، فيجوز لك اللحاق بأمك ، ولا عبرة بغضبه من فعلك هذا ؛ فقد سقطت ولايته على أولاده جميعاً .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :
فإن كان عند العقد يصلي لكن بعد ذلك صار لا يصلي : فإن كان قبل الدخول : انفسخ العقد ، ولها أن تتزوج في الحال ، وإن كان بعده : انفسخ العقد ، ولكن تنتظر حتى تنقضي العدة ، فإن هداه الله للإسلام : فهو زوجها وإلا فلها أن تتزوج .
وكثير من النساء - والعياذ بالله - يمنعهن وجود الأولاد عن طلب الفسخ ، وهذه مسألة عظيمة ، فيقال : افسخي النكاح ، ولا يجوز أن تبقي مع هذا الكافر الذي لا يصلي ، وأولادك لن يفارقوك ما دام أبوهم على هذه الحال ، فلا ولاية له عليهم ، فالكافر لا ولاية له على مؤمن ( وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً ) النساء/ 141 ، فلن يفرَّق بينك وبين أولادكِ ، وأما هذا الزوج : فلا خير فيه ، زوج كافر تتركيه يستحل منك ما يحرم ؟! هذا منكر عظيم .
" الشرح الممتع على زاد المستقنع " ( 12 / 250 ) .

ولعلَّ الحكم بتحريم أمك عليه وخروجك من بيتك ولحاقك بها لكونه تاركاً للصلاة أن يكون واعظاً له ليرجع إلى دينه فيلتزم حكم الله بالصلاة ، وتكونون بذلك قد أنقذتموه من الكفر والضلال ، وهي نعمة عظيمة يجب أن يقدرها قدرها ، فعسى أن يسارع إلى ذلك فيكون من أهل الصلاة والأخلاق الحسنة ، والمهم فيما ذكرناه أن أمك لا تحل له طالما أنه لا يصلي ، ولا ولاية له عليكِ فيجوز لك اللحاق بها ، ونوصيكم بالدعاء له أن يهديه الله ويصلح باله .
وانظري أجوبة الأسئلة ( 6257 ) و (4501 ) و ( 103291 ) و ( 112026 ) .

والله أعلم