عنوان الفتوى : زوج لا يصلي ، ويسكن زوجته في غرفة واحدة مع ضرتها !
أنا شاب مغربي , 25 سنة , ذو عمل ، أبي متزوج من ثلاث نساء , أمي هي الزوجة الأولى ، المشكلة هو أننا نسكن في بيت واحد ، وهو صغير ، به ثلاث غرف ، لا غير ، المشكلة الأكبر أن أمي تسكن – مرغمة - في غرفة واحدة مع الزوجة الثالثة ، وهي تكبر أختي الكبيرة بـ 3 سنوات ، ولكم أن تتصوروا معاناة والدتي مع ضرتها ، مستوانا المعيشي في تدهور مستمر ، أبي لا يصلي ، ويذكر أهل السنة بالشر ، يصل في بعض الأحيان إلى سبهم ، مما جعلني أتوقف عن محاولاتي لإقناعه بالصلاة ، لكن بدون جدوى ، ففي كل مرة أذكره بها يتعصب ويقول كلاماً يعمِّق جرحي ، المهم أننا - والله أعلم بحالنا - صبرنا كثيراً ، ووالدتي لم تعد تحتمل ، فهي مريضة ، نحن 15 فرداً نسكن في هذا البيت ، إخوتي الأشقاء يصلون - والحمد لله - وأنا ماضٍ في طريق الالتزام . سؤالي هو : هل يجوز لي أن أخرج مع والدتي من البيت لنسكن في بيت آخر بعيداً عن أبي ، وزوجاته ، وإخواني غير الأشقاء ؟ . جزاكم الله عنَّا كل خير .
الحمد لله
أولاً :
عدم صلاة والدك ، واستمراره على ذلك رغم النصح والتذكير : يوجب فسخ عقد النكاح ،
فلا تحل له زوجاته المصليات ، ولا يحل لهن ، ويجب عليكم أن تسعوا في فسخ النكاح
بالطرق المتيسرة لكم ، فإن كانوا في بلدكم يعتبرون ترك الصلاة موجباً لفسخ النكاح
فقدموا هذا السبب لفسخه ، وإن لم يكونوا يعتبرونه موجباً للفسخ : فاسعوا في طلب
الطلاق بسبب الضرر الواقع على أمكم جراء جمع والدكم لها ولضرتها في بيت واحد ، وهو
ما أحدث ضرراً على حياتها ومعيشتها ، والمهم أن تعلموا أنه لا يحل لكم أن تمكنوه من
قرب والدتكم ، ولا من جماعها إلا أن يعود لدينه بإقامة الصلاة .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - :
الزوج الذي لا يصلي كافر ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( العهد الذي بيننا
وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ) أخرجه الإمام أحمد ، وأهل السنن بإسناد صحيح ؛
ولقوله صلى الله عليه وسلم ( بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة ) أخرجه مسلم
في صحيحه ، عن جابر رضي الله عنه .
وسواء كان جاحداً لوجوبها ، أم لم يجحد وجوبها ، لكنه إذا كان جاحداً لوجوبها : فهو
كافر بإجماع المسلمين ، أما إذا تركها تهاوناً وتكاسلاً عنها ، ولم يجحد وجوبها :
فهو كافر في أصح قولي العلماء ؛ للحديثين المذكورين ؛ وما جاء في معناهما .
ولا يجوز لكِ أيتها السائلة الرجوع إلى زوجك المذكور ، حتى يتوب إلى الله سبحانه ،
ويحافظ على الصلاة ، هداه الله ومنَّ عليه بالتوبة النصوح .
" فتاوى الشيخ ابن باز " ( 10 / 269 ، 270 )
.
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :
الذي لا يصلي سواء يستعمل المخدرات أو لا : كافر ، مثل اليهود والنصارى ، أو أشد ؛
لأن اليهود والنصارى يمكن إقرارهم على دينهم بالجزية – مثلاً - ، لكن الذي لا يصلي
، وكان مسلماً : فهذا مرتد ، لا يجوز إقراره ، ولا يجوز أن يبقى على الحياة ، بل
يؤمر بالصلاة ، فإن صلى : فذاك ، وإلا وجب قتله مرتداً ، هذه أحكام المرتد ، كما
ذكرها العلماء رحمهم الله في كتبهم ، ويجب على زوجته أن تفارقه الآن ، ولا يحل له
أن يجامعها ، ولا يحل لها أن تمكِّنه من الجماع ، بل ولا من التقبيل ، بل ولا من
الخلوة بها ، يجب أن تفارقه الآن ما لم يرجع إلى الإسلام ، ولتعلم أنها إذا مكنته
من نفسها : فهي كما لو مكنت رجلاً أجنبيّاً ، نسأل الله العافية ، فالواجب عليها
الفرار منه كما تفر من الأسد ...
ويمهل حتى تنقضي العدة ، فإن رجع قبل انقضاء العدة إلى الإسلام : فهي زوجته ، وإن
لم يرجع : فإن النكاح يتبين أنه انفسخ منذ ارتداد هذا الرجل ، ويرى بعض العلماء
أنها إن بقيت بلا زوج وعاد إلى الإسلام ولو بعد انقضاء العدة ورغبت أن يرجع إليها :
فلا بأس ، هذا بالنسبة لزوجته .
أما بالنسبة لحاله : فإنه لو مات على هذه الحالة : حرُم أن يغسَّل ، أو يكفَّن ، أو
يصلَّى عليه ، أو يدفن مع المسلمين ، أو يدعى له بالرحمة والمغفرة ، أو يتصدق عنه ،
أو يحج عنه ؛ لأنه كافر ، وقد قال الله تعالى : ( مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ
وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي
قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ )
التوبة/ 113 .
ونعني بهذا : مَن لا يصلي ، لا في المسجد ، ولا في بيته ، أما من صلَّى في بيته :
فهو آثم عاصٍ ، وإذا استمر على ذلك : فهو من الفاسقين ، ولكنه لا يكفر ، وإنما نريد
الذي لا يصلي نهائيّاً ، فهذا حكمه كما ذكرت .
ونصيحتي لزوجته : أن تتقي الله عز وجل ، وأن تفر منه إلى أهلها ، حتى يهديه الله
تعالى إلى الإسلام ، والله عز وجل لم يجبره على ترك الصلاة ، الأمر له بالخيار ،
كما أنه بالخيار أن يذهب إلى السوق ، أو إلى المسجد ، أو إلى أي مكان ، فإنه
بالخيار أيضاً أن يصلي ، أو لا يصلي .
" لقاءات الباب المفتوح " ( 77 / السؤال رقم
2 ) .
ثانياً:
حتى لو صلَّى فإنه لا يجوز له أن يجمع بين زوجتين في غرفة واحدة ، ومن حق كل زوجة
أن يكون لها مسكن مستقل عن باقي الزوجات ، وإن أصرَّ على ذلك : فلكم أن ترفعوا
الضرر عن والدتكم بإخراجها من ذلك المسكن ؛ للضغط عليه بأن يعطي كل زوجة حقها الذي
أوجبه الله تعالى عليه .
وانظر جوابي السؤالين : ( 7653
) و ( 96455 ) ففيهما بيان حق
الزوجة في السكن المستقل ، وتفصيلات مهمة في ذلك .
والله أعلم