عنوان الفتوى : حكم دعاء أن لا يتزوج زوجها عليها وحكم طلب الطلاق منه إذا فعل وأحوال الحنث في اليمين
تزوجت منذ ثلاث سنوات ، ولكن المشاكل بيني وبين زوجي منذ البداية ، حتى أنه قد طلقني مرتين ، إنه سريع الغضب ، ويضربني أحياناً ، ومنذ أسبوعين فقط قال لي إنه يريد الزواج بثانية ، إنني لا أستطيع تحمل ذلك ، وإن كنت أعلم أنه حق كفله له الشرع ولكنه أمر صعب على نفسي ، ومما زاد عدم تقبلي للأمر أني أعرف هذه المرأة التي يريد الزواج بها ، إنها إحدى صديقاتي ، وقد سألتها عن رأيها في الموضوع بل ونصحتها بأن لا تتزوجه ، وقلت لها : سأدعو الله لك بأن يرزقك زوجاً خيراً منه ، وقد علم زوجي بكل هذا فغضب وقال إن هذه معصية كبيرة وما كان ينبغي لي أن أفعل ذلك. أسئلتي هي : - هل يجوز أن أدعو الله عليهما فلا يتزوجا ؟ . - هل ما فعلته من حديثي معها ومحاولة صرفها جائز ؟ - هل يجوز لي أن أطلب الطلاق إذا تزوجها ؟ . - لو حلفتُ على شيء ثم نكثت يميني فهل هذه كبيرة من الكبائر ؟ وماذا يجب عليّ حينئذٍ ؟ . بارك الله فيكم .
الحمد لله
أولاً:
لا مانع من دعاء الزوجة أن لا يتيسر زواج زوجها من صديقتها إذا كان ذلك الزواج يشق
عليها تقبله ، وما فعلتِه من حديثك مع صديقتك تلك لا يظهر لنا أن فيه مخالفة للشرع
، وأنتِ قد أردتِ لها الخير ولم يكن منك دعاء عليها بأن لا تتزوج مطلقا – وهو الذي
فيه إثم – بل إنكِ قد أخبرتِها أنك ستدعين لها بأن يرزقها الله تعالى زوجاً غيره
خيراً منه ، وعليه : فقول الزوج إن ما فعلتِه من الحديث معها هو معصية كبيرة ليس
صواباً ، بل إننا نرى أن دعاءك بعدم زواجه منها أمر مباح لا إثم فيه – وكذا يباح لك
الدعاء بأن لا يتزوج عليكِ عموماً ، ولا يباح لك الدعاء عليه بالضرر أو الفقر لئلا
يستطيع الزواج ؛ فإن هذا دعاء بإثم ، وكذا لا يجوز لك الدعاء عليه أن لا يتزوج إن
كان محتاجاً للزواج وهو قادر عليه .
ثانياً:
طلب الزوجة الطلاق من غير سبب يبيح لها ذلك من كبائر الذنوب ؛ لما روى ثَوْبَانُ
رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (
أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلَاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ
عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّة ) رواه الترمذي ( 1187 ) وصححه وأبو داود ( 2226 )
وابن ماجه ( 2055 ).
ولا يجوز للزوجة طلب الطلاق لمجرد تزوج زوجها عليها ؛ لأن عليها أن تتحمل وتصبر ،
فإذا هي طلبت الطلاق فإنها يخشى عليها أن تدخل في النهي الوارد في الحديث .
سئل الشيخ عبد الله بن جبرين – رحمه الله - :
هل يجـوز للزوجة أن تطلب الطلاق من زوجها إذا تزوج عليها ؛ لعدم وجود الصبر عندها ؟
.
فأجاب :
لا يجوز لها ذلك ، وورد في الحديث يقول صلى الله عليه وسلم ( ولا تسأل المرأة طلاق
أختها لتكفأ ما في إنائها ، ولتنكح ، ولها حظه ) أو كما قال ، فعليها أن تتحمل
وتصبر ، وفي الحديث ( أيما امرأة سألت الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة
الجنة ) عليها أن تتحمل ، وتصبر ، سيما إذا كان الزوج عادلا قائما بما يجب عليه .
http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=FullContent&audioid=145888
وأما طلبها للفراق إذا حصل الزواج من أخرى وتعذَّر
عليها الصبر ولم تستطع تحمُّل ذلك نفسيّاً أو بدنيّاً حتى أدَّاها ذلك إلى أنها لم
تستطع أن تعطي زوجها حقَّه : فحينئذٍ تكون معذورة في طلبها للفراق .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :
فإذا تعذَّر الصبر على الزوج وخافت المرأة أن لا تقيم حدودَ الله الواجبةَ عليها
لزوجها : فلا بأس أن تطلب الطلاق .
" فتاوى نور على الدرب " ( شريط 346 ) .
وانظري في أجر الزوجة الصابرة على تزوج زوجها بأخرى: جواب السؤال رقم ( 21421 ).
ثالثاً:
أما بخصوص الحِنث في اليمين – وهو مخالفة المحلوف عليه – فإن حكمه يكون بحسب ما
حلفتِ عليه ، وبحسب المحلوف عليه يكون الحِنث واجباً أو محرَّماً أو مكروهاً أو
مستحبّاً أو مباحاً .
وفي " الموسوعة الفقهية " ( 30 / 310 ، 311 ) :
تعمد الحنث في اليمين تجري عليه الأحكام الخمسة :
فقد يكون الحنث واجباً ، وذلك إذا كان الحلف على ترك واجب عيني أو على فعل محرم ،
فإذا حلف مثلاً على أن لا يصلي إحدى الصلوات الخمس المفروضة : وجب عليه الحنث .
وقد يكون الحنث مندوباً ، وذلك إذا حلف على ترك مندوب كسنَّة الضحى أو على فعل
مكروه كأن يلتفت بوجهه في الصلاة ، فيندب الحنث .
وقد يكون الحنث مباحاً ، وذلك إذا حلف على ترك مباح أو فعله كدخول دار وأكل طعام
معين ولبس ثوب فقال بعض الفقهاء : الأفضل في هذا ترك الحنث ؛ لما فيه من تعظيم الله
تعالى .
وقد يكون الحنث حراماً ، وذلك إذا حلف على فعل واجب أو ترك حرام ، فعليه أن ينفِّذ
ما حلف عليه ؛ لقوله تعالى ( وَلاَ تَنْقُضُوا الأَْيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا
وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا
تَفْعَلُونَ ) النحل/ 91 .
وقَد يكون تعمد الحنث مكروهاً ، وذلك إذا حلف على فعل مندوب أو ترك مكروه .
انتهى
وانظري جواب السؤال رقم ( 143578
) .
وأما بخصوص ما يترتب على الحنث في اليمين فإنه حيث
وُجد الحِنث في اليمين فإن ذمة الحانث تكون مشغولة بكفارة يمين ، وهي إطعام عشرة
مساكين وجبة طعام – غداء أو عشاء – ولا يجوز إخراج الكفارة نقوداً .
وفي " الموسوعة الفقهية " ( 35 / 40 ) :
لا خلاف بين الفقهاء في أن كفارة اليمين لا تجب إلا بالحنث فيه ، ولا خلاف بينهم في
أن موجِب الحنث هو المخالفة لما انعقدت عليه اليمين ، وذلك بفعل ما حلف على عدم
فعله ، أو ترك ما حلف على فعله ، إذا عُلِم أنه قد تراخى عن فعل ما حلَف على فعله
إلى وقت لا يمكنه فيه فعله ، ولا خلاف على وجوب الكفارة بالحنث في اليمين المعقودة
على أمر في المستقبل نفياً كان أو إثباتاً .
انتهى
وانظري جواب السؤال رقم ( 45676
) .
والله أعلم