عنوان الفتوى : الرضاع يعتبر فيه الصغر، إلا فيما دعت إليه الحاجة
السلام عليكمأنا تونسي تبنيت من طرف عائلة وأنا رضيع من المستشفى وأعطوني لقبهم ...توفي والدي مع العلم أني وحيد العائلة وبقيت مع أمي التي ربتني ولن أتخلى عنها..علمت مؤخرا أن ذلك في الإسلام حرام وأن الولد يجب أن يسمى بأبيه أو أخوكم في الدين....سألت أمي فقالت إني من المستشفى.. بحثت في المستشفى فامتنعوا من إجابتي.. بعد تدخلات اتضح لي أنه يجب البحث في مركز الأرشيف..اتصلت بهم فأجابوني أن الأرشيف يعدم بعد15 سنة..أنا حائر ماهو موقفي الديني وكيف سأقابل ربي عز وجل أفتوني يرحمكم الله
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا ذنب ولا إثم عليك في نسبك إلى غير أبيك الفترة الماضية لأنك كنت تجهل حكم ذلك، لكن يجب عليك شرعاً بعد معرفتك للحكم أن لا تنسب إلى من تبناك لحرمة ذلك، فالله تعالى يقول (ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ) [الأحزاب:5].
فإن تعذرت نسبتك إلى أبيك للجهالة به نتيجة ضياع المعلومات من المستشفى فتلحق باسم عام لايوهم لحوقك بعائلة أو قبيلة معينة، كأن تدعى فلان بن عبد الرحمن التونسي ونحو ذلك.
وأما من قامت برعايتك والقيام على تربيتك والإحسان إليك فإن لم تكن رضعت في صغرك منها أو ممن تحرمها عليك فهي أجنبية عنك، لا يجوز لك معاملتها معاملة محرمك، إلا أنه من البر والمعروف أن تبقى على الاتصال بها والإحسان إليها والقيام على شؤونها دون خلوة ونحوها من المحذورات الشرعية، فذلك هو مقتضى الرد بالمثل، فإن تعذر ذلك فلتقم أختها أو أي أمرأة رضاعك منها يحرمك عليها بإعطائك من لبنها ما يشبعك فتصير مَحْرماً لها، وهذا جائز لمثل حالتك فقط، كما هو مذهب عائشة رضي الله عنها، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية ورجحه ابن الأمير الصنعاني وكذلك الشوكاني لحديث رضاع سالم مولى أبي حذيفة من زوجة أبي حذيفة ، سهلة بنت سهيل وهو كبير قال الشوكاني في نيل الأوطار "الرضاع يعتبر فيه الصغر، إلا فيما دعت إليه الحاجة كرضاع الكبير الذي لا يستغني عن دخوله على المرأة، ويشق احتجابها منه، وإليه ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية وهذا هو الراجح عندي، وبه يحصل الجمع بين الأحاديث" انتهى.
وساق ابن الأمير الصنعاني كلام ابن تيمية في سبل السلام ثم قال "فإنه جمع بين الأحاديث حسن، وإعمال لها من غير مخالفة لظاهرها باختصاص ولا نسخ ولا إلغاء لما اعتبرته اللغة ودلت له الأحاديث" انتهى.
وإن تورعت عن ذلك واحتجبت عنك فهو الأفضل لما ذهب إليه الجمهور من حرمة ذلك، كما هو مبين في الفتوى رقم:
3901 وحتى لو ثبتت محرميتك لها فإن أحكام النسب من الميراث ونحوه لا تلحقك أبداً.
والله أعلم.