عنوان الفتوى : حكم وضع قيمة الكفارة في حساب الزكاة أو الصدقات
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كان على السائل أن يبين نوع الكفارة التي عليه هل هي كفارة يمين أو كفارة جماع في نهار رمضان أو كفارة تأخير قضاء رمضان، أو غير ذلك، فإن من الكفارات ما لا يجوز فيه الإطعام إلا بعد العجز عن العتق والصيام، وعلى كل حال فإذا لزمه الإطعام في إحدى الكفارات فإن مصارفها، هم الفقراء والمساكين، سواء كانوا عمالا أم غير عمال. وعليه، فإذا كان هؤلاء العمال من الفقراء والمساكين ـ كما هو غالب حالهم ـ فله أن يدفع لهم ما عليه من الكفارات، ولا يجب دفعها لهم خاصة، بل يجوز دفعها لغيرهم من المساكين، إلا إذا كان الفقراء الحاضرون أشد حاجة فيتعين تقديمهم، أما إذا كانوا أغنياء بأن كان دخلهم يكفيهم، فلا يجوز دفع الكفارة لهم، لأن العبرة بوصفهم من حيث المسكنة من عدمها لا بكونهم عمالا أم غير عمال، ولا يجوز وضع الكفارة في حساب عموم الصدقات أو الزكاة لعدة أسباب، منها أن دفع الكفارة نقودا يعتبر من دفع القيمة فيها وهو غير مجزئ عند جمهور الفقهاء ويجزئ عند بعضهم، ومنهم من يشترط لذلك حاجة الفقير أو مصلحته، كما سبق بيانه في الفتاوى رقم: 101756 وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 95376
السبب الثاني أن وضعها هكذا في الحساب يعني أنها قد تصرف لغير مصارفها فقد تدفع لغير محتاج مثلا وقد تدفع لفقير واحد، ونحو ذلك مما لا يجوز في الكفارات، نعم ّإذا كان القائمون على هذه الحسابات محل ثقة فيمكن أن يبين لهم أنها كفارة ويوكلون بصرفها.
أما عن السؤال الثاني: وهو قراءة السورة الواحدة في الركعتين، فقد سبقت الإجابة عنه في الفتوى رقم: 133229
أما عن السؤال الثالث: فإن كنت تقصد أنك لا تخاف الله في الشخص المذكور باعتبار أن ما تقوم به تجاهه ليس معصية، وبالتالي فلا تخاف عقوبتها في نظرك فهذا ليس ردة إذا لم تقصد استهزاء، لكن لا ينبغي مثل هذه العبارات، لأن العبد يجب عليه أن يخاف الله سبحانه ويرجوه، وإن كان مطيعا، والمؤمن ينتفع بالموعظة والتذكير إذا ذكر بالله تعالى وخوف من عقابه بخلاف الكافر والمنافق، وقد وصف الله سبحانه وتعالى بعض عتاة المشركين بالغضب والتمادي في الإثم إذا ما ذكر بالله تعالى فقال: وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ{ 206البقرة: }.
قال القرطبي ـ رحمه الله تعالى: هذه صفة الكافر والمنافق الذاهب بنفسه زهوا، ويكره للمؤمن أن يوقعه الحرج في بعض هذا، وقال عبدالله: كفى بالمرء إثما أن يقول له أخوه: اتق الله، فيقول: عليك بنفسك، مثلك يوصيني!. انتهى.
وإن كان ما تقوم به نحوه معصية فقال أما تخاف الله في فأجبت بلا، فقد ذكر بعض أهل العلم أن من قال تلك العبارة مختارا مدركا لما يقول يعتبر مرتدا، إذا كان الأمر الذي عوتب فيه معصية، فرد على المعاتب بالعبارة المذكورة، وإن لم يكن الأمر الذي عوتب فيه معصية، لم يكن مرتدا إلا أن يريد الاستخفاف ـ والعياذ بالله تعالى ـ كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 104655
وينبغي لمن صدر منه ذلك أن يراجع أحد العلماء أو القضاة الموجودين في بلده ليعرض عليهم ما ذا جرى وما مراده بهذه المقالة ليتفهموا حاله، ويبينوا له ما يترتب على مقالته.
والله أعلم.