عنوان الفتوى : القيام واستقبال القبلة من شروط صحة الصلاة
اليوم خرجت مع عائلتي إلى محل تجاري لنتسوق بعيدا عن البيت، وقد حانت صلاة العصر، ورأيت أنني لا أستطيع الرجوع للبيت قبل أذان المغرب، فصليت العصر في مكان مختف عن الناس في المحل التجاري، وجالسة على كرسي، واتجهت لجهة لا أدري أهي القبلة أم لا، فهل يجوز لي كل هذا؟ وهل صلاتي مقبولة؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعد:
فإن القيام ركن من أركان الصلاة تبطل بتركه، ولا يسقط إلا في حالة العجز عنه، وليست الخشية من أن يرى شخص المرأة أثناء الصلاة عذرا لترك القيام فيها، بل يجب القيام وسائر الأركان مع الالتزام باللباس الشرعي، ولو كانت في الأماكن العامة، إلا إذا خافت الأذى على نفسها، أو مالها، أو عرضها فلها حينئذ أن تصلي حسبما تستطيع، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 48229
هذا في حال الخشية من خروج الوقت، أما في حال اتساعه فلا مانع من أن تؤخر الصلاة إلى المنزل، ومن أدت الصلاة جالسة مع القدرة على القيام ولم تخش ضررا كما قدمنا وجب عليها القضاء، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 98412
كما أن استقبال جهة القبلة شرط من شروط صحة الصلاة أيضا، ولا يجوز للمصلي أن يصلي هكذا إلى جهة لا يعلم هل هي القبلة أم لا، ولا يخلو حال من لم تتضح له جهة القبلة من احتمالين أحدهما أن يكون في مكان يمكنه السؤال عن جهة القبلة فيفرط في ذلك ولا يسأل ثم يصلي ففي هذه الحالة يجب عليه القضاء لتهاونه وتفريطه، الاحتمال الثاني أن يكون في مكان لا يمكنه العلم بجهة القبلة لعدم وجود من يسأله ولم يمكنه الاهتداء لها، ففي هذه الحالة يلزمه التحري والاجتهاد وتصح صلاته، ولو تبين بعد ذلك أنه أخطأ القبلة فقد سئل فضيلة الشيخ العثيمين: إذا صلى جماعة إلى غير القبلة فما الحكم في تلك الصلاة؟ فأجاب بقوله: هذه المسألة لا تخلو من حالين:
الحال الأولى: أن يكونوا في موضع لا يمكنهم العلم بالقبلة مثل أن يكونوا في سفر، وتكون السماء مغيمة، ولم يهتدوا إلى جهة القبلة فإنهم إذا صلوا بالتحري، ثم تبين أنهم على خلاف القبلة فلا شيء عليهم، لأنهم اتقوا الله ما استطاعوا، وقد قال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ـ وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، وقال الله تعالى في خصوص هذه المسألة: وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ.
الحالة الثانية:
أن يكونوا في موضع يمكنهم فيه السؤال عن القبلة ولكنهم فرطوا وأهملوا ففي هذه الحال يلزمهم قضاء الصلاة التي صلوها إلى غير القبلة سواء علموا بخطئهم قبل خروج وقت الصلاة أم بعده، لأنهم في هذه الحال مخطئون خاطئون، مخطئون في شأن القبلة، لأنهم لم يتعمدوا الانحراف عنها، لكنهم خاطئون في تهاونهم وإهمالهم السؤال عنها، إلا أنه ينبغي أن نعلم أن الانحراف اليسير عن جهة القبلة لا يضر، كما لو انحرف إلى جهة اليمين، أو إلى جهة الشمال يسيراً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في أهل المدينة: ما بين المشرق والمغرب قبلة ـ فالذين يكونون شمالاً عن الكعبة نقول لهم ما بين المشرق والمغرب قبلة، وكذلك من يكونون جنوباً عنها، ومن كانوا شرقاً عنها، أو غرباً نقول لهم: ما بين الشمال والجنوب قبلة، فالانحراف اليسير لا يؤثر ولا يضر. اهـ.
وانظري الفتوى رقم: 152821لمزيد الفائدة والتفصيل.
والله أعلم.