عنوان الفتوى : لم يثبت الدعاء عند الخوف من أحدهم بقول ( دخلت عليك بلا إله إلا الله )

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

ما مدى صحة هذا الدعاء : أنه إذا رهب أحد أمرا يقول : ( دخلت عليك بلا إله إلا الله...وألجمت فاك بلا حول ولا قوة إلا بالله...ومعي حبيبي محمد رسول الله...وقضيت حاجتي بإذن الله ، الله أكبر ، الله أكبر مما أخاف ومما أحذر ) ؟

مدة قراءة الإجابة : 8 دقائق


الحمد لله
لم نجد هذا الدعاء في كتب السنة والآثار ، ولا نعرف أحدا من أهل العلم من المحدثين أو الفقهاء أو المفسرين ذكره ، وإنما اشتهر على ألسنة الناس من غير إسناد ولا أثر .
غير أن الجملة الأخيرة منه تروى من كلام الصحابي الجليل ابن عباس رضي الله عنهما ، كما روى ذلك ابن أبي شيبة في " المصنف " (6/23)، وأبو نعيم في " حلية الأولياء " (1/322)، والبخاري في " الأدب المفرد " (ص/247)، والخرائطي في " مكارم الأخلاق " (338)، والطبراني في " المعجم الكبير " (10/258)، جميعهم من طريق يونس بن أبي إسحاق ، عن المنهال بن عمرو ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :
( إِذَا أَتَيْتَ سُلْطَانًا مَهِيبًا تَخَافُ أَنْ يَسْطُوَ عَلَيْكَ ، فَقُلْ : اللَّهُ أَكْبَرُ ، اللَّهُ أَعَزُّ مِنْ خَلْقِهِ جَمِيعًا ، اللَّهُ أَعَزُّ مِمَّا أَخَافُ وَأَحْذَرُ ، أَعُوذُ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ، الْمُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ أَنْ يَقَعْنَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ ، مِنْ شَرِّ عَبْدِكَ فُلَانٍ وَجُنُودِهِ وَأَتْبَاعِهِ وَأَشْيَاعِهِ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ ، اللَّهُمَّ كُنْ لِي جَارًا مِنْ شَرِّهِمْ ، جَلَّ ثَنَاؤُكَ ، وَعَزَّ جَارُكَ ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ ) ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.

وإسناد هذا الأثر كما قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " (10/137) : رجاله رجال الصحيح . وصححه الشيخ الألباني في " صحيح الأدب المفرد " (264)، وفي " صحيح الترغيب والترهيب " (2/267).
وقد عقد الإمام المنذري رحمه الله في كتابه " الترغيب والترهيب " (2/115) فصلا بعنوان : " فصل في الدعاء عند الخوف من السلطان الجائر "، أورد فيه مجموعة من الأحاديث والآثار الواردة عن بعض الصحابة والتابعين في هذا المعنى ، ولكن هذه الآثار – ومنها أثر ابن عباس السابق - لا يمكن اعتبارها من السنن المستحبة ، أو الدين الذي شرعه الله لعباده .

أما إذا ثبت الحديث المرفوع عن النبي صلى الله عليه وسلم فنحن نسلم بأثره واستحبابه ومشروعيته .
وقد جاء في السنة بعض الأدعية والأذكار التي يحفظ الله بها المسلم بإذنه سبحانه وتعالى من أذى الأعداء :
1- ( اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ ) رواه مسلم (3005) وقد سبق الكلام على هذا الدعاء بتوسع في الجواب رقم : (160583)
2- عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا خَافَ قَوْمًا قَالَ : ( اللَّهُمَّ إِنَّا نَجْعَلُكَ فِي نُحُورِهِمْ وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرُورِهِمْ )
رواه أبو داود (1537) وصححه النووي في " الأذكار " (167) والعراقي في " تخريج الإحياء " (1/429) والألباني في " صحيح أبي داود ".
3- عن عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( إِذَا تَخَوَّفَ أَحَدُكُمُ السُّلْطَانَ فَلْيَقُلِ : اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ ، وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ، كُنْ لِي جَارًا مِنْ شَرِّ فُلانِ بن فُلانٍ يَعْنِي الَّذِي يُرِيدُ ، وَشَرِّ الْجِنِّ وَالإِنْسِ وَأَتْبَاعِهِمْ ، أَنْ يَفْرُطَ عَلَيَّ أَحَدٌ مِنْهُمْ ، عَزَّ جَارُكَ ، وَجَلَّ ثَنَاؤُكَ ، وَلا إِلَهَ غَيْرُكَ )
رواه الطبراني في " المعجم الكبير " (10/15) وقال الحافظ ابن حجر في "بذل الماعون" (94) : إسناده حسن . وضعف الألباني رفعه في " السلسلة الضعيفة " (2400) وصححه موقوفا على عبد الله بن مسعود ثم قال : يحتمل أن يكون في حكم المرفوع .
4- عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( مَنْ قالَ - يعني إذا خرج من بيته - : باسْمِ اللَّهِ ، تَوَكَّلْتُ على اللَّهِ ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ باللَّهِ . يُقالُ لَهُ : كُفِيتَ وَوُقِيتَ وَهُدِيتَ ، فَتَتَنَحَّى لَهُ الشَّيَاطِينُ ، فَيَقُولُ لَهُ شَيطَانٌ آخَرُ : كَيْفَ لَكَ بِرَجُلٍ قَدْ هُدِيَ وكُفِيَ وَوُقِيَ )
رواه أبو داود (5095) والترمذي (3426) وقال : حديث حسن صحيح . وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
جاء في "عون المعبود" (13/297):
" ( يقال حينئذ ) : أي يناديه ملك يا عبد الله ( هُديت ) : بصيغة المجهول ، أي : طريق الحق ، ( وكُفيت ) أي هَمَّك ( وَوُقيت ) من الوقاية ، أي : حُفِظت " انتهى .
5- وعن أبان بن عثمان قال سمعت عثمان بن عفان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ فِي صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَةٍ : " بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ " ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ )
وَكَانَ أَبَانُ قَدْ أَصَابَهُ طَرَفُ فَالِجٍ ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ ، فَقَالَ لَهُ أَبَانُ : مَا تَنْظُرُ ! أَمَا إِنَّ الْحَدِيثَ كَمَا حَدَّثْتُكَ ، وَلَكِنِّي لَمْ أَقُلْهُ يَوْمَئِذٍ لِيُمْضِيَ اللَّهُ عَلَيَّ قَدَرَهُ .
رواه الترمذي (3388) وقال : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ . وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
ويدعو أن يحفظه الله تعالى من الأذى والمكروه ، ويسأل الله تعالى العافية والستر ، ويتعوذ مما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ منه ، والله سبحانه وتعالى خيرٌ حافظا وهو أرحم الراحمين، ومن يتوكل على الله فهو حسبه .
والله أعلم .