عنوان الفتوى : أسباب حرمة التعامل مع شركة الفوركس
لقد قرأت من قبل عدة فتاوى في شأن الفوركس الإسلامي الخالي من رسوم التبيت وحكم التجارة فيه، وكانت لي بعض الملاحظات أرجو توضيحها: 1-التعامل بالهامش وقد قرأت من ضمن الفتاوى أن هذا يعتبر من القرض الذي جر منفعة، وقرأت أيضا أنه ينطبق عليه حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: لا يحل سلف وبيع . وهنا أريد أن أوضح أن القرض الذي يتم أخذه من شركة السمسرة لا تأخذ عليه أي فائدة بل يتم رده بعد الصفقة كما هو بلا أي زيادة، وأما الشركة فمكسبها هو فرق السعر في البيع والشراء، فلو أخذت هذا القرض من صديقي مثلا وليس من الشركة وتاجرت به سيكون مكسب الشركة من فروق الأسعار كما هو، لأن مكسب الشركة لا يعتمد على القرض بل المبلغ الذي يتاجر به العميل ويشتري ويبيع به، وإنما غرض الشركة في إعطاء هذا القرض الحسن هو مساعدة العميل الذي رأس ماله صغير حتى تتوسع تجارته ويتم رده بعد ذلك بلا أي زيادة. مثلا : أنا وأصدقائي اخترعنا طريقة لتصنيع السيارة ولكننا لإتمام المشروع نحتاج قرض مليون دولار، وأتينا إلى شركة تستورد السيارات وقررت تمولينا وسنقوم بتوزيع السيارات من خلالها مع رد المبلغ بعد ذلك بلا فائدة، وهنا عمت الفائدة الجميع نحن صنعنا السيارة وبعناها وهي استفادت من عمولات البيع لهذه السيارة. فما رأي سيادتكم في ذلك أرجو إفادتي؟ وعذرا على الإطالة ولكن كنت أريد توضيح وجهة نظري كاملة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعد:
فالشركة لم تمنح القرض إلا لأجل الفائدة التي تجنيها من فارق السعر، وكل قرض جر نفعا فهو ربا، وكذلك لو أن شركة السيارات بذلت قرضا على أن يتم توزيع السيارات عن طريقها فهذه فائدة ربوية أيضا ولو كان أصل القرض سيرد إليها دون زيادة، لكن الفائدة والمكسب جنته من توزيع السيارات لديها، وكذلك شركة الفوركس تجني الفائدة من خلال إجراء المعاملات لديها، ولو كان العميل يريد القرض ليتعامل مع غيرها فلن تمنحه إياه وبالتالي فهو قرض ربوي.
جاء في المصنف: عن ابن سيرين قال: أقرض رجل رجلا خمسمائة درهم واشترط عليه ظهر فرسه، فقال ابن مسعود: ما أصاب من ظهر فرسه فهو ربا. اهـ.
وجاء في أسنى المطالب: قوله: كل قرض جر منفعة فهو ربا، أي شرط فيه ما يجر إلى المقرض منفعة. اهـ.
ومن المفيد هنا نقل ما قاله الشلبي الحنفي في حاشيته على تبيين الحقائق حيث قال: قال الكرخي في مختصره في كتاب الصرف: وكل قرض جر منفعة لا يجوز، مثل أن يقرض دراهم غلة على أن يعطيه صحاحا، أو يقرض قرضا على أن يبيع به بيعا، لأنه روي أن كل قرض جر نفعا فهو ربا، وتأويل هذا عندنا أن تكون المنفعة موجبة لعقد القرض مشروطة فيه.
والمنفعة التي ستجنيها شركة الفوركس موجبة لعقد القرض مشروطة فيه، وكذلك في المثال الثاني وهو كون شركة السيارات التي ستمنح القرض تشترط أن يكون توزيع السيارات لديها وهذه فائدة أيضا، وقد نص أهل العلم على أنه لا يجوز جمع عقد القرض مع عقد البيع أو الإجارة ونحوها.
قال ابن القيم: وحرم الجمع بين السلف والبيع لما فيه من الذريعة إلى الربح في السلف بأخذ أكثر مما أعطي، والتوسل إلى ذلك بالبيع أو الإجارة كما هو الواقع.
والله تعالى أعلم.