عنوان الفتوى : السنة استعمال اليمين في كل ما كان من باب التكريم ، إلا لعذر

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

أثبت الطب أن استخدام الانسان لليد اليمنى او اليسرى هو متعلق بجينات هذا الشخص ، فالشخص الذي يكتب باليد اليسرى قد يصعب عليه صعب جدا ان يغير لاستخدام اليد اليمنى فسؤالي: كيف جاء الحث على استخدام اليد اليمنى مع اثبات الطب ان ليس للانسان علاقة بهذا ، و أن امر استخدام اليد اليمنى او اليسرى متعلق بالوراثة ؟ أم أن هذا يسقط في ظل ما حث عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم . أرجو الإجابة لأن هذه شبهة تراودني و جزاكم الله خيراً .

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق


الحمد لله
قاعدة الشريعة : تقديم اليمين في كل ما كان من باب الكرامة ، وتقديم الشمال في كل ما كان من باب المهانة ، اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وتنبيها على تعظيم اليمين ، وتميزها ، وزيادة لشرفها ، وتفاؤلا أن يجعلنا الله من أهل اليمين .
فروى البخاري (168) ومسلم (268) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ فِي تَنَعُّلِهِ وَتَرَجُّلِهِ وَطُهُورِهِ وَفِي شَأْنِهِ كُلِّهِ " .
قال النووي رحمه الله :
" هَذِهِ قَاعِدَة مُسْتَمِرَّة فِي الشَّرْع , وَهِيَ أنَّ مَا كَانَ مِنْ بَاب التَّكْرِيم وَالتَّشْرِيف كَلُبْسِ الثَّوْب وَالسَّرَاوِيل وَالْخُفّ وَدُخُول الْمَسْجِد وَالسِّوَاك وَالِاكْتِحَال , وَالْأَكْل وَالشُّرْب , وَالْمُصَافَحَة , وَاسْتِلَام الْحَجَر الْأَسْوَد , وَغَيْر ذَلِكَ مِمَّا هُوَ فِي مَعْنَاهُ يُسْتَحَبّ التَّيَامُن فِيهِ .
وَأَمَّا مَا كَانَ بِضِدِّهِ كَدُخُولِ الْخَلَاء وَالْخُرُوج مِنْ الْمَسْجِد وَالِامْتِخَاط وَالِاسْتِنْجَاء وَخَلْعِ الثَّوْب وَالسَّرَاوِيل وَالْخُفّ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ , فَيُسْتَحَبّ التَّيَاسُر فِيهِ , وَذَلِكَ كُلّه لكَرَامَةِ الْيَمِين وَشَرَفهَا "
انتهى باختصار .

وجاء في بعض الأحاديث بيان الحكمة من ضرورة استعمال اليمين ، كما في الأكل والشرب ؛ فروى مسلم (2020) عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَأْكُلْ بِيَمِينِهِ وَإِذَا شَرِبَ فَلْيَشْرَبْ بِيَمِينِهِ ؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ وَيَشْرَبُ بِشِمَالِهِ )
وروى مسلم أيضا (2019) عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَا تَأْكُلُوا بِالشِّمَالِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِالشِّمَالِ )

وغالب أحوال الناس استعمال اليمين في الأكل والشرب والكتابة وغير ذلك ، ومن كان منهم قد اعتاد الأكل بالشمال أو الكتابة بالشمال ، أو كانت تلك طبيعته الوراثية – كما يقول السائل – فإنه يروّض على استعمال اليمين بدل الشمال ؛ طواعية لله ورسوله ، ومحبة لمحبوب الشرع ومرغوبة ومطلوبة وإن كان فيه بعض المشقة ؛ فإن لم يمكنه أن يستعمل اليمين في كل ما كان من باب التكريم ، كما سبق في القاعدة الشرعية ، فإنه يكتفي بالتيامن فيما ورد في الشرع الأمر فيه باليمين ، كالأكل ، والشرب ، والطهور ، وهي أمور يمكن التغلب فيها على الطبع والعادة ، لا سيما مع تكرر المحاولات ، وترويض النفس ، إلى أن يسهل عليها ذلك ، وما عدا ذلك ، فالأمر فيه واسع إن شاء الله ، فمن عجز عن التيامن فيه ، لعذر أو مرض ، أو نحوه ، لا حرج عليه إن شاء الله .
قال الموّاق في "التاج والإكليل" (1/403) :
" وَالضَّابِطُ أَنَّ الْفِعْلَ إنْ اُسْتُعْمِلَتْ فِيهِ الْجَارِحَتَانِ قُدِّمَتْ الْيُمْنَى فِي فِعْلِ الرَّاجِحِ , وَالشِّمَالُ فِي فِعْلِ الْمَرْجُوحِ , وَهَذَا إنْ تَيَسَّرَ , فَإِنْ شِقَّ تُرِكَ " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" الأكل باليد اليسرى بعذر لا بأس به ، أما لغير عذر فهو حرام ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه وقال : ( إن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله ) ، وقد قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ) النور/21 انتهى من"لقاء الباب المفتوح" (4 /59)

والله أعلم .
راجع للاستزادة إجابة السؤال رقم : (82120)