عنوان الفتوى : ليس في النساء نبيِّات ولا رسولات ، وبيان الحِكَم الجليلة في ذلك
لماذا كل أنبياء اليهودية والمسيحية والإسلام من الرجال ؟ ولماذا لم يكن نبي امرأة ؟ ولماذا تحتم أن يكونوا ذكوراً ؟ . شكراً .
الحمد لله
أولاً:
لا يتردد المسلم في الإيمان بعظيم حكمة الله تعالى في أفعاله ، فمن أسمائه عز وجل "
الحكيم " ، ومن صفاته " الحكمة " .
وقد حكم الله تعالى بأن من صفات المرسَلين : الذكورة ، وقد نقل بعض أهل العلم
الإجماعَ على ذلك ، وله تعالى في ذلك أعظم الحكَم .
قال الشيخ عمر الأشقر – حفظه الله - :
"ومن الكمال الذي حباهم به : أنه اختار جميع الرسل الذين أرسلهم من الرجال ، ولم
يبعث الله رسولاً من النساء ، يدلُّ على ذلك : صيغة الحصر التي وردت في قوله تعالى
( وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِم ) الأنبياء/ 7 .
الحكمة من كون الرسل رجالاً :
كان الرسل من الرجال دون النساء لحكَم يقتضيها المقام ، فمن ذلك :
1. أنّ الرسالة تقتضي الاشتهار بالدعوة ، ومخاطبة الرجال والنساء ، ومقابلة الناس
في السرّ والعلانية ، والتنقل في فجاج الأرض ، ومواجهة المكذبين ومحاججتهم
ومخاصمتهم ، وإعداد الجيوش وقيادتها ، والاصطلاء بنارها ، وكل هذا يناسب الرجال دون
النساء .
2. الرسالة تقتضي قوامة الرسول على من يتابعه ، فهو في أتباعه الآمر الناهي ، وهو
فيهم الحاكم والقاضي ، ولو كانت الموكلة بذلك امرأة : لَمْ يتم ذلك لها على الوجه
الأكمل ، ولاستنكف أقوام من الاتباع والطاعة .
3. الذكورة أكمل ، ولذلك جعل الله القوامة للرجال على النساء ( الرِّجَالُ
قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ ) النساء/ 34 ، وأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أنّ
النساء ( ناقصات عقل ودين ) .
4. المرأة يطرأ عليها ما يعطلها عن كثير من الوظائف والمهمات ، كالحيض والحمل
والولادة والنفاس ، وتصاحب ذلك اضطرابات نفسية وآلام وأوجاع ، عدا ما يتطلبه الوليد
من عناية ، وكل ذلك مانع من القيام بأعباء الرسالة وتكاليفها" .انتهى من" الرسل
والرسالات " ( ص 84 ، 85 ) .
ثانياً:
أما النبوَّة : فقد ذهب بعض العلماء كأبي الحسن الأشعري والقرطبي وابن حزم إلى وجود
نبيَّات من النساء ! ومنهن مريم بنت عمران ، ودليلهم ما جاء من آيات فيها بيان وحي
الله تعالى لأم موسى – مثلاً - ، وما جاء من خطاب الملائكة لمريم عليها السلام ،
وأيضاً باصطفاء الله تعالى لها على نساء العالَمين .
وهذا الذي قالوه لا يظهر رجحانه .
قال الشيخ عمر الأشقر – حفظه الله - :
"وهذا الذي ذكروه لا ينهض لإثبات نبوة النساء ، والرد عليهم من وجوه :
الأول : أنّا لا نسلِّم لهم أن النبيَّ غير مأمور بالتبليغ والتوجيه ومخالطة الناس
، والذي اخترناه : أن لا فرق بين النبيّ والرسول في هذا ، وأنَّ الفرق واقع في كون
النبي مرسل بتشريع رسول سابق .
وإذا كان الأمر كذلك : فالمحذورات التي قيلت في إرسال رسول من النساء قائمة في بعث
نبي من النساء ، وهي محذورات كثيرة تجعل المرأة لا تستطيع القيام بحقّ النبوة .
الثاني : قد يكون وحي الله إلى هؤلاء النسوة - أم موسى وآسية - إنّما وقع مناماً ،
فقد علمنا أنّ من الوحي ما يكون مناماً ، وهذا يقع لغير الأنبياء .
الثالث : لا نسلِّم لهم قولهم : إن كل من خاطبته الملائكة فهو نبي ، ففي الحديث أن
الله أرسل ملكاً لرجل يزور أخاً له في الله في قرية أخرى ، فسأله عن سبب زيارته له
، فلمّا أخبره أنه يحبّه في الله ، أعلمه أنَّ الله قد بعثه إليه ليخبره أنه يحبّه
، وقصة الأقرع والأبرص والأعمى معروفة ، وقد جاء جبريل يعلم الصحابة أمر دينهم
بسؤال الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة يشاهدونه ويسمعونه .
الرابع : لا حجّة لهم في النصوص الدالة على اصطفاء الله لمريم ؛ فالله قد صرح بأنّه
اصطفى غير الأنبياء ( ثمُّ أَوْرَثْنَا الكِتَابَ الَّذين اصْطَفَيْنَا مِنْ
عِبَادِنَا فَمِنْهُم ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُم سَابِقٌ
بِالخَيْرَاتِ ) فاطر/ 32 ، واصطفى آلَ إبراهيم وآلَ عمران على العالَمين ، ومِن
آلِهِما من ليس بنبيّ جزماً ( إِنَّ الله اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إبْرَاهيمَ
وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى العَالَمِينَ ) آل عمران/ 33 .
الخامس : لا يلزم من لفظ الكمال الوارد في الحديث الذي احتجوا به ، النبوة ؛ لأنّه
يطلَق لتمام الشيء وتناهيه في بابه ، فالمراد : بلوغ النساء الكاملات النهاية في
جميع الفضائل التي للنساء ، وعلى ذلك فالكمال هنا غير كمال الأنبياء .
السادس : ورد في بعض الأحاديث النصّ على أن خديجة من الكاملات ، وهذا يبيِّن أن
الكمال هنا ليس كمال النبوة .
انظر الأحاديث في هذا الباب مع شرحها في جواب السؤال رقم (
7181 ) .
السابع: ورد في بعض الأحاديث أن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة إلاّ ما كان من مريم
ابنة عمران ، وهذا يبطل القول بنبوة من عدا مريم كأم موسى وآسية ؛ لأنّ فاطمة ليست
بنبيَّة جزماً ، وقد نصَّ الحديث على أنها أفضل من غيرها ، فلو كانت أم موسى وآسية
نبيتان لكانتا أفضل من فاطمة .
الثامن : وصف مريم بأنها صِدِّيقة في مقام الثناء عليها والإخبار بفضلها ، قال
تعالى ( مَّا المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَت مِن قَبْلِه
الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ ) المائدة/ 75 ، فلو
كان هناك وصف أعلى من ذلك لوصفها به ، ولم يأت في نصّ قرآني ولا في حديث نبويّ صحيح
إخبار بنبوة واحدة من النساء .
وقد نقل القاضي عياض عن جمهور الفقهاء أنّ مريم ليست بنبيّة ، وذكر النووي في "
الأذكار " عن إمام الحرمين أنّه نقل الإجماع على أنّ مريم ليست نبيّة ، ونسبه في "
شرح المهذب " لجماعة ، وجاء عن الحسن البصري : ليس في النساء نبيّة ولا في الجنّ "
.انتهى باختصارمن" الرسل والرسالات " ( ص 87 – 89 ) .
والله أعلم
أسئلة متعلقة أخري |
---|
ليس في النساء نبيِّات ولا رسولات ، وبيان الحِكَم الجليلة في ذلك |