عنوان الفتوى : هل يجب على الزوج شكر زوجته على أعمالها المنزلية ؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

هل يجب عل الزوج شكر زوجته على أعمالها اليومية والاعتيادية كأعداد الطعام , وتنظيف المنزل؟

مدة قراءة الإجابة : 6 دقائق


الحمد لله
تقدم في جواب السؤال رقم : (119740) بيان وجوب خدمة الزوجة زوجها في بيته بالمعروف ، وأن ذلك من تمام حقه عليها .
وشكر الزوج زوجته على ذلك من تمام عشرتها بالمعروف ، ومن أسباب استدامة المودة والأنس بينهما ، وما كان سببا لذلك فالمشروع تحقيقه والسعي في حصوله .
والقضية بين الزوجين ليست قضية واجب ومندوب ، وحقه وحقها ، وما عليه وما عليها ، بقدر ما هو حسن معاشرة بالمعروف .
ومن تمام شكر الله تعالى على نعمه أن يشكر المسلم من جعله الله سبباً لهذه النعمة من الناس .
روى أبو داود (4811) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنّه قَالَ : (لَا يَشْكُرُ اللَّهَ مَنْ لَا يَشْكُرُ النَّاسَ) وصححه الألباني في "سنن أبي داود" .
وذلك لأن شكر الله تعالى إنما يتم بطاعته وامتثال أمره ، ومما أمر الله به : أن تشكر من أحسن إليك من الناس ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : (مَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ) رواه أبو داود (1672) وصححه الألباني في "سنن أبي داود" .
انظر : "تحفة الأحوذي" (6/74) .
وقال الشيخ عبد المحسن العباد :
" معلوم أن كل خير فهو من الله سبحانه وتعالى : ( وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنِ اللَّهِ ) ( وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا ) فكل خير حصل للإنسان فالله تعالى هو المتفضل به ، ومن الخير الذي يتفضل الله به على من يشاء من عباده أن يسوق إليه إنساناً يسخره له ويلين قلبه له بحيث يحسن إليه ، وهذا الإحسان هو في الحقيقة من الله عز وجل ؛ لأن الله تعالى هو الذي وفق من أراد أن يحسن إليه للإحسان إليه ، فهو سبحانه وتعالى متفضل بكل شيء ، ولكن كما أن العبد فاعل باختياره ، وأنه يحمد على ما يحصل منه من الخير ، وكذلك يذم على ما يحصل منه من الشر ، فإنه إذا حصل منه الإحسان فإنه يحمد على إحسانه وعلى معروفه ، ويشكر على ذلك ، والشكر لله عز وجل أولاً وآخراً ؛ لأنه هو المتفضل بكل شيء ، فهو يتفضل بالخير بسبب أحد من الناس ، أو بدون أن يكون هناك سبب من أحد من الناس ، فالكل بفضل الله عز وجل ، والكل بإحسانه وجوده وكرمه سبحانه وتعالى ، فعلى الإنسان أن يشكر الله عز وجل على كل النعم الظاهرة والباطنة ؛ لأنها كلها من الله تقديراً وتوفيقاً ، ومن ساق الله تعالى الخير على يديه لإنسان فإنه يشكره ويثني عليه ويدعو له ، سواء كان هذا المعروف يتعلق بأمر دنيوي أو بأمر ديني " انتهى .
"شرح سنن أبي داود" (27 /458) .
ومعاشرة المرأة بالمعروف من دواعي استدامة السعادة الزوجية بينهما .
وروى الترمذي (3895) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي ) وصححه الألباني في "سنن الترمذي" .
قال السندي رحمه الله :
" مُرَاده أَنَّ حَسَن الْعِشْرَة مَعَ الْأَهْل مِنْ جُمْلَة الْأَشْيَاء الْمَطْلُوبَة فِي الدِّين ، فَالْمُتَّصِف بِهِ مِنْ جُمْلَة الْخِيَار مِنْ هَذِهِ الْجِهَة ، وَيَحْتَمِل أَنَّ الْمُتَّصِف بِهِ يُوَفَّق لِسَائِرِ الصَّالِحَات حَتَّى يَصِير خَيْرًا عَلَى الْإِطْلَاق " انتهى .
وروى الترمذي (1162) عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (خِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهِمْ خُلُقًا) حسنه وصححه الألباني في "سنن الترمذي" .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" :
"وعلى كل من الزوجين بذل الإحسان للآخر ، والعمل على الوفاق وجمع الشمل ، وكف النزاع
فيجب على كل واحد من الزوجين أن يتقي الله جل وعلا ، وأن يؤدي ما عليه من واجبات تجاه الآخر ، وأن يعاشر كل واحد الثاني بالمعروف والإحسان ، وأن يكرم كل من الزوجين قرابة زوجه ، حتى يتم لهم حسن العشرة ، ويلتئم شمل الأسرة " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (19 /229-252-267) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" إذا قال قائل : ما هي الوسيلة إلى أن يحب الرجل زوجته والمرأة زوجها ؟ فنقول : الوسيلة إلى ذلك بينها الله بقوله : ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) فإذا عاشر كل إنسان زوجته بالمعروف ، وهي كذلك ، حصلت المحبة والألفة والحياة الزوجية السعيدة " انتهى .
"فتاوى نور على الدرب" - لابن عثيمين (6 /29) .

فالذي ينبغي للزوج أن يشكر زوجته إذا أحسنت إليه ، أو أسدت إليه خدمة أو معروفاً ، وذلك من أسباب حسن العشرة ودوامها .
والله أعلم