عنوان الفتوى : شبهات حول بعض تشريعات الإسلام ، من طالبة مسلمة !

مدة قراءة السؤال : 3 دقائق

يقلقني هذا الشيء فعلاً ، لأني فتاة في الخامسة عشرة من عمري ، وأعيش في " المملكة المتحدة " ، وتحدث لي أشياء أحياناً تربكني كثيراً ، ولا أعرف ما الذي أفعله لأني أشعر أني أفقد إيماني تدريجيّاً بالإسلام وليس بالله ، وأظن أن السبب الرئيسي هو " الحقوق الجنسية " ، وأعني بذلك : أن الولد له أن يفعل أي شيء ولن يعلق عليه أحد أي تعليق ولكن على النقيض بالنسبة للفتاة لو أنها خرجت بمفردها أو أي شيء من قبيل هذا فليس لها إلا الجحيم ، وأرى أن هذا جور شديد ، وأغضب بشدة حين أفكر في ذلك ، أعني : لماذا يقول الناس إن الإسلام هو أعظم دين على وجه البسيطة إذا كان قاسيا ، وغير عادل ؟ أعني : أن بعض المسلمين يرون أنه من الطبيعي أن تتزوج الفتاة وهي في سن الخامسة عشر لرجل في سن الثلاثين ولم تقابله من قبل ، فلماذا هذا طبيعي ؟ لماذا يصح للولد الخروج ويعود وهو مخمور ولا يستطيع المشي وينام مع ملايين الفتيات المختلفات ؟ . فلماذا عندما تخرج البنت وحدها وتريد قضاء أي شيء في حياتها لا تستطيع لأن الإسلام يمسك عليها ذلك ؟ . ولماذا لا يجوز للمرأة المسلمة أن تتزوج من غير المسلم عندما تقع في حبه ولكن هذا مناسب للولد أن يتزوج من المرأة غير المسلمة ؟ . ولماذا للرجل حق الاختيار بين النساء ولكن أحياناً لا يمكن ذلك للمرأة مطلقاً ؟ . لماذا هذا الظلم الشديد ؟ . أعتذر بشدة للاستمرار والتعدي في ( الأعمار ) ، أنا حقّاً فقط أريد مساعدتكم أنا حتى لا أعرفكم تحديداً ، ولكن أنا لا أريد أن أفقد إيماني وأصير كافرة ، وحتى لا أصبح كافرة : أرجو الإجابة على سؤالي ، وأسأل إذا كان لديكم وقت لتراسلوني على البريد الإلكتروني شخصيّاً ، والمساعدة من خلال ذلك . من فضلكم ، من فضلكم ، من فضلكم ردُّوا علي في أقرب فرصة .

مدة قراءة الإجابة : 18 دقائق

الحمد لله.


أولاً:
ثمة مقدمات لا بد من الحديث معك حولها فنرجو أن تنتبهي لما نقوله لك :
1. نحن نراعي أنك تعيشين في بلاد منحلة من حيث الأخلاق ، ويباح فيها ما هو محرَّم في الشرع ، ووصلت بها حالهم – ذكوراً وإناثاً - إلى ركوب الدراجات الهوائية في الشارع أمام الناس وهم عراة ! وتأثر الإنسان من البيئة حوله لا يُنكر ، ولذا جاء التشديد في الإقامة بين أظهر المشركين ومثلهم المنحلين أخلاقيّاً ، ونرى أنك لو كنتِ في بيئة طاهرة محافظة لما صدر منك مثل هذا .
2. نأسف أن يكون في استفساركِ ما فيه خروج عن السؤال والاستفسار إلى الطعن في شرع الله وفي حكمته ، وفي التفريق بين الإيمان بالله تعالى وبين تشريعات الإسلام ، وما تشريعات الإسلام إلا من الله تعالى أصلاً ، فهي منه لا من غيره ، فكان الأولى أن تخرج مثل تلك الاعتراضات على هيئة أسئلة يراد من ذِكرها إزاحة الشبهات ، لا أن تكون بمثل ذلك الأسلوب .
3. قد حصل عندكِ خلط بين أحكام الإسلام وتصرفات المسلمين ، فشرائع الإسلام مطهرة ، شرعها الله تعالى ليُصلح بها العباد والبلاد ، وما يخالف فيه المسلمون شرع ربهم فإنما يُنسب لهم لا لدينهم ، فدين الله تعالى لا يجيز للذكر شرب الخمر ، ولا مصاحبة الفتيات الأجنبيات ، ولا يجيز له الزنا ، فكيف تنسبين تلك الموبقات والكبائر التي يفعلها الشباب التائه لشرع الله تعالى أنه يجيزها لهم ويحرمها على الإناث ؟! لقد أخطأتِ وخلطتِ ، أخطأتِ نسبة أفعالهم للشرع ، وخلطتِ حينما اعتقدت أن تلك الأفعال مباحة للذكور دون الإناث .

ثانياً:
لقد قلتِ في سؤالك كلمات منكرة ، وهي غاية في الظلم والعدوان ، وفي قولها خطر على دينك ، فيلزمك التوبة منها والندم عليها ، ومن أعظمها قولك " لماذا يقول الناس إن الإسلام هو أعظم دين على وجه البسيطة إذا كان قاسيا ، وغير عادل ؟ " فهذه كلمات لو قالها من يعقل معناها لكانت كلمات ردَّة في حقِّه ! ففيها سبٌّ لله تعالى ؛ وهو قول عظيم - ولعل عذرك أن يكون خلطكِ بين تشريعات الله تعالى وأفعال بعض المسلمين - فالإسلام هو دين الله تعالى ، وهو الذي شرعه ، وهو الذي أوحى به لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى ( إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسْلاَمُ ) آل عمران/ 19 ، وقال تعالى ( وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) آل عمران/ 85 .
واتهام الإسلام بعدم العدل والقسوة من أبطل الباطل ، قال تعالى – في نقض التهمة الأولى - ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) النحل/ 90 ، وقال تعالى – في نقض التهمة الأخرى – ( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ) البقرة/ 185 .
( فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ ) يونس/ 32 .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْنِي مُعَنِّتًا وَلَا مُتَعَنِّتًا وَلَكِنْ بَعَثَنِي مُعَلِّمًا مُيَسِّرًا ) رواه مسلم (1478) .
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيُّ الْأَدْيَانِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ ؟ قَالَ : ( الْحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ ) رواه أحمد (2108) وحسنه الألباني .

ثالثاً:
الأصل في الأوامر والنواهي أنه لا فرق فيها بين الذكور والإناث ، ومع عدم الحاجة للتنبيه على ذلك في كل الأحكام ، إلا أننا وجدنا الله تعالى قد نصَّ في بعض المناهي الشرعية على ذِكر الجنسين ، وهو توكيد لما نقوله من أنه لا فرق – في الأصل – بين الجنسين وخاصة في النواهي الشرعية ، ومن الأمثلة على ذلك :
1. قال تعالى ( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) المائدة/ 38 .
2. وقال تعالى ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ ) النور/ 2 .
3. وقال تعالى ( قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ . وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ... ) النور/ 30 ، 31 .

ثم نقول لك أيضا ـ أيتها السائلة الحائرة ـ : إن هناك من الأشياء ما هو محرم على الرجال ، ومباح للنساء ، لأنه يناسب طبيعة النساء ، ولا يناسب الرجال .
عَنْ أَبِي مُوسَى الأشعري رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَحَلَّ لِإِنَاثِ أُمَّتِي الْحَرِيرَ وَالذَّهَبَ ، وَحَرَّمَهُ عَلَى ذُكُورِهَا ) .
رواه أحمد (19148) والنسائي (5265) وصححه الألباني .

ثم نقول لك أيضا : إن طبيعة الخلقة الخاصة بكل من الجنسين ، إذا اقتضت تفاوتا في بعض الأحكام ، فإن الأجر والثواب والمنزلة عند الله ، يتلاشى فيه ذلك كله ؛ ويبقى لكل عامل منهما عمله ، بحسب حاله ، فلا ظلم له من حقه فيبخس ما عمل ، ولا يؤاخذ بأمر لم يعمله :
قال الله تعالى : ( وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً ) النساء/124 . وقال تعالى : ( مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ ) غافر/40.

فهل هذا كافٍ لك لتعلمي مدى خطئكِ في اعتقادك أن المحرمات تباح للذكور دون الإناث ؟! ومنه تعلمين أن قولك " لماذا يصح للولد الخروج ويعود وهو مخمور ولا يستطيع المشي وينام مع ملايين الفتيات المختلفات ؟ " : لا أساس له من الصحة ، فالخمر والزنا من كبائر الذنوب ، ولا فرق فيهما بين الذكور والإناث ، وكلاهما – لو فعلهما – يستحق الإثم والحد ، وأما تفريق كثير من الناس بين السماح لأبنائهم في فعل ذلك دون بناتهم : فهذا من تزيين الشيطان لا من تشريع الرحمن !
وهل من العقل والحكمة ، وهل من العدل والإنصاف في شيء أن تجعلي أفعال الفساق والفجار ، وقذارة المخمورين والزناة ، حكما على دين رب العالمين ؟!

رابعاً:
قولك " بعض المسلمين يرون أنه من الطبيعي أن تتزوج الفتاة وهي في سن الخامسة عشرة لرجل في سن الثلاثين ولم تقابله من قبل ، فلماذا هذا طبيعي ؟ "
هذا الكلام : فيه تجنٍّ ، وظلم للحقيقة التي تريدين محاكمتها .
فاعلمي ـ أيتها السائلة ـ ما نذكره لك :
1. لن يحصل نكاحٌ من ابن الثلاثين لابنة الخامسة عشرة ، ولا من ابن ما شئت من السنين ، لابن من شئت ، إلا بموافقتها ! فما الذي يضيرك أنتِ لو تقدم لك رجل في هذه السن ، وأنت في سنك التي أنت فيها ، ثم قبلت به ، ورغبت فيه ، وتولى ولي أمرك تنفيذ ذلك ؟! وماذا لو كانت بنت ثلاثين ، وهو ابن خمس وأربعين ؟! وماذا ، وماذا ؟! وعدم مقابلتها لهذا الزوج من قبل لا يعني شيئاً ، فالأمر لها إن شاءت وافقت عليه بعد السؤال عنه والاستفسار عن حاله وإن شاءت رفضته .
ثم إن مقابلتها له من قبل – كما يحصل في عالَم المخالفين للشرع من أصحاب العلاقات المحرَّمة – لا يعني أن زواجهما سيكون سعيداً ، بل إن أغلب ما تسمعينه من ضرب الأزواج لزوجاتهم وقتل الزوجات لأزواجهن والطلاق والفراق والخيانات الزوجية : كل ذلك – في العالَم الذي تعيشين فيه وأمثاله – هو يجري بين زوجين تعارفا من قبل والتقيا بل وفي كثير من الأحوال يكون وُلد لهما أولاد ! فهل كان ذلك اللقاء قبل الزواج نافعهم في شيء ؟! .
2. أنه كما يتزوج ابن الثلاثين من ابنة الخامسة عشرة : فقد يتزوج ابن العشرين من ابنة الثلاثين بل وابنة الأربعين ! فكان ماذا ؟! أليست العبرة بتوافقهما ورضاهما ؟ فما الذي يضير اختلاف العمر بين الزوجين ، وهل ثمة زواج كان أسعد من زواج النبي صلى الله عليه وسلم بخديجة وعائشة ؟! إن زواجه بخديجة رضي الله عنهما كان وهي تكبره بضعف عمره تقريباً ، وزواجه بعائشة كان وهو يكبرها بستة أضعاف تقريباً ، وهما زواجان من أنجح الزواجات في الأرض ، وكان الجميع في سعادة غامرة فيه ، فمتى كان فارق السن بين الزوجين بذاته مؤثراً بالسلب في الزواج ؟! .

خامساً:
وأما قولك " فلماذا عندما تخرج البنت وحدها وتريد قضاء أي شيء في حياتها لا تستطيع لأن الإسلام يمسك عليها ذلك ؟ " : ليس صواباً ؛ لأن الإسلام لا يمنع المرأة من الخروج وحدها للمسجد ، ولا للسوق ، ولا لبيت أهلها وأقربائها وجيرانها ، وإنما الممنوع أن تسافر وحدها من غير محرَم ، وما شُرع المحرَم في السفر إلا حماية لها من العابثين والطامعين بها ، ولعلَّكِ ترين في البلاد التي تعيشين فيها أن المرأة لا تأمن على نفسها الخروج وحدها للسوق ولا للعمل وهي تعلم بوجود ذئاب الشوارع بانتظارها ! فالإسلام عندما يشرِّع ما فيه حفاظ على المرأة لا يسيء لها ، بل هو يُعلي من شأنها ، ويقدرها غاية التقدير ، ويراعي جوانب ضعفها وحاجتها لغيرها ليقوم بصيانتها وحمايتها من العابثين والطامعين .
ثم إن كل عاقل يعلم أن المرأة أحوج إلى الحفظ والصيانة ، وأحوج إلى الرعاية من الرجل ، والبنت عاقبة انحرافها ، أو العدوان عليها أشد وأنكى ؛ فتزول بكارتها ، وتحمل جنينها ، ويتلوث شرفها تلوثا ظاهرا ، قد يجني عليها وعلى مستقبلها ، ويصعب أن تستتر به ، وأما الولد ؛ فمع أنه لا فرق بينه وبينها في عقوبة الشرع في الدنيا ، ولا في الجزاء في الآخرة ، إلا أنه ـ وفي أقل أحواله ـ يمكنه الاستتار بجرمه ، ولا يظهر عليه أثره وعاره . ثم ليس هو مظنة للعدوان عليه ، فهو الطالب المعتدي ، والبنت مطلوبة ، معتدى عليها ؛ فأيهما الأحق بالحفظ والصيانة ، والمراقبة والرعاية : ( لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) .

سادساً:
وأما قولك " ولماذا لا يجوز للمرأة المسلمة أن تتزوج من غير المسلم عندما تقع في حبه ، ولكن هذا مناسب للولد أن يتزوج من المرأة غير المسلمة ؟ " : فعجيب منك ! وهل هذا قول تقوله من تؤمن بالله تعالى ربِّها ، وتكتب في تعريف نفسها أنها مسلمة ؟! فأين الإيمان باسم الله الحَكَم ، وأين الإيمان بصفة الحكمة لربك تعالى ؟ وأين الاستسلام لأوامره ونواهيه ؟ فها أنت الآن تريدين للمسلمة التي تقع في حب رجلٍ بوذي أو هندوسي أن تتزوجه ! وها أنت تعتقدين أن الإسلام يبيح للرجال التزوج بوثنية أو شيوعية أو بوذية ، وهذا ظن خاطئ ، ولم يُبَح للرجال المسلمين من الكافرات ، إلا ممن كانت من اليهود والنصارى ، ولا يحل لهم غير ذلك من أصحاب الديانات .
وأما المسلمة فحرام عليها تزوج أحد من أي دين آخر غير الإسلام ، وهي مسألة إجماع لا يخالف فيها أحد .
والعجيب أنك تريدين للمسلمة التزوج من أي كافر تقع في حبِّه ! بينما كثير من الكفار لا يزوجون بناتهم لمسلمين ولو وقعن في حبهم ! فالبوذيون والهندوس لا يزوجون بناتهم لمسلمين ! بل ثمة طوائف النصارى لا يتزوج بعضهم من بعض ! فكيف وقع لك أن الإسلام لا يحرص على المسلمة فيشرع لها التزوج بصاحب أي ديانة ليفتنها في دينها ؟! .
وانظر – للأهمية – جواب السؤال رقم ( 83736 ) .

سابعاً:
وأما قولك " ولماذا للرجل حق الاختيار بين النساء ولكن أحياناً لا يمكن ذلك للمرأة مطلقاً ؟ لماذا هذا الظلم الشديد ؟ " : فخطؤه واضح بيِّن ، وإنما المرأة تختار كما يختار الرجال ، بل قد تختار أكثر منه ! فالمرأة التي يخطبها الرجال لها أن توافق على من شاءت اختياره وترفض من عداه ، ففي حقيقة الأمر أنها اختارت من الرجال من يناسبها ، بينما قد لا يتيسر للرجل إلا أن يرى واحدة أو اثنتين ، فكل اختيار من الرجال هو في الواقع اختيار من المرأة ؛ لأن لها أن ترفضه .
ومن عادة المرأة أن تكون " مخطوبة " لا " خاطبة " ، أن تكون " منكوحة " لا " ناكحة " وأن تكون " مطلوبة " لا " طالبة " ، هذا أمر مغروز في فطرة بني آدم ، بل في فطرة الكائن الحي ، أن الأنثى عادة ما تكون مطلوبة .
ومع ذلك ، فلا مانع شرعاً إذا أعجبت المرأة برجل أن تبدي رغبتها بالتزوج منه ، لكن ذلك لا يتعدى هذا الأمر فهي لا تخطبه ولا تتزوجه ، بل هو الخاطب وهي المخطوبة ، وهو المتزوِّج وهي المزوَّجة .

ثامناً:
لتعلمي – أخيراً – أن الإسلام قد أكرم المرأة بنتاً وأماً وزوجة ، وأنه قد حفظ لها حقوقها المسلوبة منها ، وأنه في تشريعاته الجليلة قد راعى ضعفها وعاطفتها فشرع في حقها ما يصون عرضها ويحمي شرفها ، وما ترينه من ضياع الأعراض ، والتعدي على النساء بالتحرش والاغتصاب ، إنما هو بسبب سوء أخلاق الرجال الذين نزعت منهم الرحمة ، وخلا من حياتهم مراقبة الله تعالى ، وبسبب تبرج النساء وتهاونهن في الاختلاط والمصافحة والمزاملة والمراسلة ، ولو أن النساء يلتزمن شرع الله تعالى في لبساهن ، وفي عدم اختلاطهن بالرجال ، وعدم سفرهن وحدهن ، ويلتزمن بضوابط الشرع في المحادثة مع الرجال ، والنظر إليهم لانتهى فساد كبير عريض من المجتمعات .
قال ابن القيم - رحمه الله - :
ولا ريب أن تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال : أصلُ كل بليَّة وشرٍّ ، وهو مِن أعظم أسباب نزول العقوبات العامة ، كما أنه من أسباب فساد أمور العامة والخاصة ، واختلاط الرجال بالنساء : سببٌ لكثرة الفواحش ، والزنا ، وهو من أسباب الموت العام والطواعين المتصلة .
" الطرق الحُكمية " ( ص 407 ) .
وانظري – للأهمية – جواب السؤال رقم ( 40405 ) .
فالنصيحة لك : أن تحذري من مزالق الشيطان ، وأن تعظمي ربك تعالى ، وتفتخري بدينك ، وتظهري التقدير لنبي الإسلام صلى الله عليه وسلم ، واعلمي أن الحياة ليست هي الجنس فقط حتى ينصب تفكيرك في عالَمه ، والإسلام كله مشرق ، وأحكامه كلها مصلحة للأفراد والمجتمعات في كل زمان وفي أي مكان ، والعقلاء من الغرب يدخلون في دين الله أفواجاً ليس مجاملة لأحد ، بل لما يرونه من عظمة تشريعاته ، وصلاحيتها لكل زمان ومكان ، وهؤلاء العقلاء قد فصلوا بين ما عرفوه عن الإسلام ، وبين ما يرونه من أفعال بعض من المسلمين ، فأعيدي النظر في أقوالك وقلبي النظر في أحكامك ، وسيتبين لك عظمة هذا الدين وأنك تعيشين في نعمة جليلة حُرمها مليارات من الناس .

والله أعلم