عنوان الفتوى : تأخر الزواج قد يكون بسبب السحر وقد لا يكون
أبلغ 30 سنة من عمري، تقدمت لخطبة فتاة وبعد ثلاثة أيام أتي إنسان إلى والدي وقال له بأن هذه الفتاة تعانق الرجال في العمل، وتعمل معي في مؤسسة واحدة وهي في غنى عن هذه التصرفات وهذا غير موجود ببلدتنا وهذا الإنسان كذب كذبة أخرى وذلك بأنه مرسل من طرف امرأة تعمل معنا هي التي كلفته بأن يقوم بذلك وبعد ذهاب أمي إليها نفت ذلك وهي مستعدة لمقابلة الإنسان الذي كذب عليها وجها لوجه وهذا كله بسبب العلاقة الطيبة بيني والفتاة وهذه المرأة، ورغم ظهور الحقيقة وتبيان شهادة الزور إلا أن والدي لم يزل على رأيه السلبي تجاه هذه الفتاة وحلف بالله أن لا تدخل بيته، وبعد ذهابي إلى راق معروف بإيمانه قال لي إنني مسحور فما حكم الشرع في هذا؟ وبماذا توصونني في حدود شرع الله؟ وهل للسحر آثار في منع زواجي؟ وليكن في علمكم أنها الفتاة الرابعة التي أتقدم إليها وفي كل مرة أجد سببا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالسحر حقيقة وله تأثير قطعا، ولكن تعسر الأمور وعدم تحقق المرغوب فيه، ومنه تأخر الزواج قد يكون بسبب السحر وقد لا يكون كذلك، فننصح السائل بالأخذ بالأسباب العادية وبعدم الالتفات إلى احتمال كونه مصابا بسحر، أو حسد من دون بينة، أو قرينة على ذلك ولكن إن غلب على ظنه أنه مسحور فلا حرج عليه في الرقية الشرعية وليستعن بالله تعالى ليدفع عنه هذا الضر، قال تعالى: وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ {الأنعام: 17}.
وراجع في الرقية من السحر الفتوى رقم: 5433.
وأما بالنسبة لهذه الفتاة فإن كانت ذات دين وخلق فله أن يستمر في محاولة إقناع والده للموافقة على زواجه منها، ولا يلتفت إلى أي شائعات عنها لا تستند إلى بينة وبرهان، فإن اقتنع والده فالحمد لله، وإن أصر على المنع فتجب عليه طاعته إلا إذا خشي ضررا بالوقوع معها فيما لا يرضي الله فيجوز له الزواج منها ولو لم يرتض ذلك، وراجع الفتوى رقم: 93194.
وإن لم يتيسر له الزواج منها فليقطع أي علاقة له بها إذ لا يجوز للمسلم أن يكون على علاقة عاطفية بامرأة أجنبية عنه، كما بينا بالفتوى رقم: 30003.
وننبه إلى أمرين:
الأول: وجوب التثبت في الأخبار، لئلا يتهم الأبرياء بما هم منه براء، لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ {الحجرات: 6}.
وما أكثر المشعوذين والدجالين المتسترين بغطاء الرقية الشرعية هذه الأيام.
الثاني: أنه يحرم إطلاق الشائعات كذبا من أجل الإفساد بين الناس، فهذا من سلوك إبليس وجنوده، كما هو مبين بالفتوى رقم: 26407.
والله أعلم.