عنوان الفتوى : أعجز الناس من عجز في الدعاء
أواجه مشكلة في موضوع الدعاء فلما أدعو، أو أبدأ في الدعاء لا أقدر، أو يصعب علي كثيرا، وعندي امتحان بعد كم يوم ولا أقدر على الدعاء، لأنني أستحيي من ربي فطول الوقت أعصي وحياتي كلها معاص أكثر مما تتصور، فهل هذا من الشيطان؟ وماذا أفعل؟ وهل أدعو؟ وكيف سأدعو ربي وأنا مقصر جدا؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم ـ هداك الله ـ أن الواجب عليك أن تبادر بالتوبة النصوح إلى ربك تعالى، ولا تصر على معصيته ولا تعرض نفسك لغضبه تبارك وتعالى، بل عليك أن تستقيم على شرعه وتفعل ما أمرك به وتترك ما نهاك عنه، واعلم أن ذنبك مهما كان عظيما، فإن عفو الله تعالى أعظم ورحمته تعالى قد وسعت كل شيء.
وأما الدعاء: فإنه قربة من أجل القربات وهو من أعظم الوسائل لإنجاح المقاصد وتحقيق المرغوب ودفع المرهوب، فلا تفتر عن دعاء ربك تبارك وتعالى ولا تكسل عن ذلك، فإن أعجز الناس من عجز عن الدعاء؛ كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، والله يحب منك أن تسأله وتدعوه وتلجأ إليه، كما قال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {غافر:60}.
وقال تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ { البقرة:186}.
فالزم دعاء ربك تبارك وتعالى ومهما كانت لك من حاجة فاطلبها منه جل شأنه فإنه لا يأتي بالحسنات إلا هو ولا يدفع السيئات إلا هو، ولا يصدنك عن الدعاء ما سلف من ذنوبك، فإن رحمة الله تعالى وسعت كل شيء، وقد أجاب سبحانه دعاء المشركين حين دعوه باضطرار، ولكن ما أحسن أن يكون دعاؤك مقرونا بالتوبة النصوح والإقلاع عن هذه الذنوب فإنه حينئذ يكون أرجى إجابة، فإنك إن دعوت الله وأنت مقيم على معصيته خشي أن تكون معصيتك سببا في عدم قبول الدعاء وإجابته، فالوصية المبذولة لك هي أن تبدأ في حياتك صفحة جديدة تقلع فيها عما فرط منك وتجتهد في دعاء ربك تعالى محسنا ظنك به عالما أن الخير كله بيديه وأنه إن لم ييسر الأمر لم يتيسر، رزقنا الله وإياك التوبة النصوح والدعاء المستجاب.
والله أعلم.