عنوان الفتوى : هل يقع الطلاق إذا تلفظ به الزوج مستفهما
يوجد برنامج في التلفزيون قال المذيع فيه إن فتوى غريبة ظهرت تجعل ما حدث من طلاق أغلبه لا يقع، لأن الفتوى تقول إن طالق يقع بها طلاق، لكن الناس ينطقوها طالئ وبالتالي لا يقع بها الطلاق وكان والدي جالسا بجانب والدتي فقال لها مستغربا: إيه طالىء ـ ثم قال مستغربا طالىء، والمشكلة أن ما يفتى به في بلدنا على ما أعلم المرجع للعرف في هذه الكلمة أي يقع بطالىء، لأن الناس ينطقوها هكذا، فهل ما قاله والدي يعتبر طلاقا؟ أي هل وقع طلاق على والدتي وهو إنما كان يستغرب من هذه الكلمة ونطقها مرتين طالىء على سبيل الاستغراب؟ وهو مسن وكثير الجدل ولم ألفت انتباهه لذلك حتى لا يجادل وحتى لا ينطق بطالق أثناء الجدال وإنما أستفسر فضيلتك حتى نعلم هل وقع طلاق أم لا؟ وقد استضاف البرنامج على الهاتف أستاذ دكتور فقه وسألوه فقال إن كان أي شخص يعلم أنه يقع بها وقع وإن كان لا يعلم لا يقع، ووالدي مسن ويتضايق بسرعة لذلك لا نستطيع أن نقول له أن عليه أن يذهب ويستفتي وكذلك نخشى من فتح الموضوع فيجادل وينطق بألفاظ الطلاق الصريحة، وكل ما حدث استغراب لما كان في التلفزيون وقال لوالدتي ذلك مستغربا ولا يقصد الطلاق كما بدا لنا، فما رأي فضيلتكم؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما شاع في بعض البلاد من نطق كلمة طالق بالهمز دون القاف، لا يمنع وقوع الطلاق بذلك ولا يجعل اللفظ غير صريح في الطلاق، قال القرافي: وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ فَرَّقَ الْفُقَهَاءُ بَيْنَ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَبَيْنَ قَوْلِهِ أَنْتِ مُنْطَلِقَةٌ وَأَلْزَمُوا بِالْأَوَّلِ الطَّلَاقَ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ، وَلَمْ يُلْزِمُوا بِالثَّانِي إلَّا بِالنِّيَّةِ وَلَمْ يَكْتَفُوا بِالْوَضْعِ الْأَوَّلِ، وَمَا ذَلِكَ إلَّا أَنَّ لَفْظَ طَالِقٍ نُقِلَ لِلْإِنْشَاءِ وَلَمْ يُنْقَلْ مُنْطَلِقَةٌ لَهُ، فَلَوْ اتَّفَقَ زَمَانٌ يَنْعَكِسُ الْحَالُ فِيهِ وَيَصِيرُ مُنْطَلِقَةٌ مَوْضُوعًا لِلْإِنْشَاءِ وَطَالِقٌ مَهْجُورًا لَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا عَلَى النُّدْرَةِ لَمْ يَلْزَمْهُ الطَّلَاقُ بِطَالِقٍ إلَّا بِالنِّيَّةِ وَأَلْزَمْنَاهُ بِمُنْطَلِقَةٍ بِغَيْرِ نِيَّةٍ عَكْسُ مَا نَحْنُ عَلَيْهِ الْيَوْمَ فَعَلِمْنَا أَنَّ لَفْظَ الطَّلَاقِ لَمْ يُوجِبْ إزَالَةَ الْعِصْمَةِ بِالْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ، بَلْ بِالْعُرْفِ الْإِنْشَائِيِّ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: فَإِنَّ الطَّلَاقَ وَنَحْوَهُ يُثْبِتُ بِجَمِيعِ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ مِنْ اللُّغَاتِ: إذْ الْمَدَارُ عَلَى الْمَعْنَى. أما ما تلفظ به والدك مستفهما، أو حاكيا: فلا يقع به طلاق، كما بيناه في الفتوى رقم: 48463.
والله أعلم.