عنوان الفتوى : حكم من عجز عن الصيام في كفارة القتل
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كان أبوك عاجزا عن عتق الرقبة فالواجب عليه صيام شهرين متتابعين عن كل مقتول، فإن عجز فلا صيام عليه لأن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، لكن اختلف العلماء هل ينتقل إلى بدل الصيام وهو إطعام ستين مسكينا أو لا؟ على قولين أوضحناهما في الفتوى رقم: 133154.
قال ابن قدامة رحمه الله: فصل: وكفارة القتل عتق رقبة مؤمنة بنص الكتاب. فإن لم يجدها في ملكه فاضلة عن حاجته أو يجد ثمنها فاضلا عن كفايته فصيام شهرين متتابعين توبة من الله. وهذا ثابت بالنص أيضا فإن لم يستطع ففيه روايتان :
إحداهما : يثبت الصيام في ذمته ولا يجب شيء آخر لأن الله تعالى لم يذكره ولو وجب لذكره، والثاني يجب إطعام ستين مسكينا لانها كفارة فيها عتق وصيام شهرين متتابعين. فكان فيها إطعام ستين مسكينا عند عدمها ككفارة الظهار والفطر في رمضان وإن لم يكن مذكورا في نص القرآن فقد ذكر ذلك في نظيره فيقاس عليه فعلى هذه الرواية إن عجز عن الاطعام ثبت في ذمته حتى يقدر عليه وللشافعي قولان في هذا كالروايتين. انتهى.
ولا يجب أن تكون الكفارة من مال الشخص، بل لو أعانه إنسان فدفع إليه من ماله ما يخرج به الكفارة لم يكن بذلك بأس، ففي قصة المجامع في نهار رمضان الثابتة في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه عرقا من تمر ليتصدق به في الكفارة التي لزمته، وفي سنن أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لخولة حين ظاهر منها زوجها أوس بن الصامت: يعتق رقبة، قالت: لا يجد. قال: فيصوم شهرين متتابعين قالت يا رسول الله إنه شيخ كبير ما به من صيام قال فليطعم ستين مسكينا قالت: ما عنده من شيء يتصدق به، فأتي ساعة إذ بعرق من تمر، قالت يا رسول الله فإني سأعينه بعرق آخر، قال: قد أحسنت اذهبي فأطعمي بهما عنه ستين مسكينا وارجعي إلى ابن عمك. رواه أبو داود. وعليه فلو جمع أهل الخير لأبيك ما يعتق عنه به رقبة عن كل نفس قتلها خطأ أجزأ ذلك عنه، فإن لم توجد الرقبة وعجز عن صيام شهرين متتابعين لكل نفس قتلها خطأ فجمعوا له ما يطعم به عنه عن كل كفارة ستين مسكينا أجزأ ذلك على أحد القولين كما مر.
وننبهك إلى أنه لا يجب صيام الأشهر الأربعة متوالية، وإنما الواجب صيام كل شهرين تباعا بلا فصل بينهما؛ لأن صيام كل شهرين كفارة مستقلة فيجوز الفصل بين الكفارتين.
والله أعلم.