عنوان الفتوى : درجة حديث (..فلم يحج فلا عليه أن يموت يهوديا أو نصرانيا..)
بسم الله الرحمن الرحيمهل يصح لنا نقل هذا الحديث للناس والذي ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في (مجموع فتاوى ابن تيمية) (4/255، 256)، قال ابن تيمية: ولهذا يقال: إن من لم يحج يخاف عليه من ذلك، لما روى أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من ملك زاداً أو راحلة تبلغه إلى بيت الله الحرام ولم يحج، فليمت إن شاء يهودياً، وإن شاء نصرانياً. في الحقيقة يا شيخ أني أنشر دروساً في العقيدة لأحد العلماء ولكني تعطلت عند هذه المسألة وهي موضوعة في التصنيف الآتي: (المبحث الرابع: حضور الشيطان عند الموت). أرجو الإفادة؟ وجزاكم الله خيراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحديث المشار إليه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعاً من طرق لا يخلو شيء منها من مقال، ولذا ذكره شيخ الإسلام في الكلام المنقول عنه بصيغة التمريض روي، ومن طرق هذا الحديث ما جاء عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ملك زاداً وراحلة تبلغه إلى بيت الله الحرام فلم يحج فلا عليه أن يموت يهودياً أو نصرانياً، وذلك أن الله يقول: ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا.. رواه الترمذي. والبيهقي من رواية الحارث عن علي، وقال الترمذي حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.
ورواه البيهقي أيضاً عن عبد الرحمن بن سابط عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من لم تحبسه حاجة ظاهرة أو مرض حابس أو سلطان جائر ولم يحج فليمت إن شاء يهودياً وإن شاء نصرانياً.
قال الحافظ في التلخيص: هذا الحديث ذكره ابن الجوزي في الموضوعات، وقال العقيلي والدارقطني لا يصح فيه شيء قلت وله طرق. ثم ساق الحافظ طرقه عن أبي أمامة وعلي وأبي هريرة رضي الله عنهم ثم قال: وله طريق صحيحة إلا أنها موقوفة رواها سعيد بن منصور والبيهقي عن عمر بن الخطاب قال: لقد هممت أن أبعث رجالاً إلى هذه الأمصار فينظروا كل من له جدة ولم يحج فيضربوا عليه الجزية ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين. لفظ سعيد ولفظ البيهقي أن عمر قال: ليمت يهودياً أو نصرانياً يقولها ثلاث مرات رجل مات ولم يحج ووجد لذلك سعة وخليت سبيله. قلت: وإذا انضم هذا الموقوف إلى مرسل ابن سابط علم أن لهذا الحديث أصلاً ومحمله على من استحل الترك وتبين بذلك خطأ من ادعى أنه موضوع. انتهى.
وحكم الشوكاني على الحديث بأنه حسن لغيره، وإذا علمت ما ذكره الحافظ رحمه الله وأنه رجح أن لهذا الحديث أصلاً فلا حرج في التحديث به وروايته للناس، ثم إنه وارد في باب الترهيب، ومن المعلوم أن العلماء يسهلون في رواية الأحاديث في باب الفضائل والترغيب والترهيب ما لا يسهلون في غيرها، والأولى أن تقترن رواية هذا الحديث ببيان ضعفه مرفوعاً وأنه صحيح موقوفاً على أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه وهو من الأئمة الراشدين المهديين ومكانته في العلم والدين لا تخفى.
والله أعلم.