عنوان الفتوى : طلق زوجته بعد خلوة شرعية ثم ارتجعها قبل تمام عدتها
يوجد في فتاويكم حول إرجاع المطلقة التي عقد عليها ولم يدخل بها أنه إذا حدثت خلوة فانه يمكن أن يراجعها زوجها في أقوال عدد من الصحابة عند وقوع الطلاق. هل إذا حدثت خلوة أكثر من مرة وقبل الرجل زوجته ورأى منها إلا ما بين السرة والركبة ورفضت الجماع إلا بعد الزفاف والدخول. هل إذا حدث طلاق يمكن للرجل إرجاعها بقول راجعت فلانة لنكاحي خلال العدة أم لابد من العقد عليها من جديد؟ يعنى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 131406، وما أحالت عليه بيان حقيقة الخلوة الشرعية وبعض ما يترتب عليها من أحكام، وإذا حصلت خلوة شرعية بين الزوجين ولم يحصل دخول ثم حصل طلاق فمذهب الجمهور على عدم صحة الرجعة بعد ذلك خلافا للحنابلة.
قال ابن قدامة في المغني: والخلوة كالإصابة , في إثبات الرجعة للزوج على المرأة التي خلا بها, في ظاهر قول الخرقي ; لقوله : حكمها حكم الدخول في جميع أمورها . وهذا قول الشافعي , في القديم . وقال أبو بكر : لا رجعة له عليها إلا أن يصيبها . وبه قال النعمان , وصاحباه والشافعي في الجديد ; لأنها غير مصابة , فلا تستحق رجعتها , كغير التي خلا بها.
ولنا قوله تعالى: { والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن... إلى قوله : وبعولتهن أحق بردهن في ذلك } . ولأنها معتدة من طلاق لا عوض فيه , ولم تستوف عدده , فثبت عليها الرجعة كالمصابة , ولأنها معتدة يلحقها طلاقه , فملك رجعتها , كالتي أصابها. انتهى.
ومن شروط الارتجاع عند المالكية أن يتقارر الزوجان بالإصابة.
جاء في حاشية الدسوقي المالكي: حاصله أن الرجعة لا تصح إلا إذا ثبت النكاح بشاهدين, وثبتت الخلوة, ولو بامرأتين وتقارر الزوجان بالإصابة، فإذا طلق الزوج زوجته ولم تعلم الخلوة بينهما , وأراد رجعتها فلا يمكن منها لعدم صحة الرجعة ; لأن من شرط صحة الرجعة أن يقع الطلاق بعد الوطء للزوجة, وإذا لم تعلم الخلوة فلا وطء فلا رجعة. انتهى.
وقد ذكرنا في الفتوى رقم: 103377أن الراجح مذهب الحنابلة لقوة دليله، وبناء على ذلك فإن كان الزوج المذكور قد طلق زوجته بعد خلوة شرعية ثم ارتجعها قبل تمام عدتها فإن رجعته صحيحة، وراجع في ما تحصل به الرجعة الفتوى رقم: 30719.
والله أعلم.