عنوان الفتوى : هل الأولى أن يمسح على جوربيه أم يخلعهما ويغسل رجليه
هل يجوز التخلي عن لبس جورب معتقداً بأن الأفضلية في غسل الرجلين دون مسحهما والحصول على الثواب؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالعلماء مختلفون هل غسل الرجلين أفضل أم المسح على الخفين ومثلهما الجوربان؟ وذلك بعد اتفاقهم على جواز كل منهما وأنه مجزئ، فذهب الجمهور إلى أن غسل الرجلين أفضل لكونه الأصل، وذهب الحنابلة إلى أن المسح أفضل لكونه رخصة ولمخالفة أهل البدع المنكرين له، قال النووي: واختلف العلماء في أن المسح على الخفين أفضل أم غسل الرجلين؟ فذهب أصحابنا إلى أن الغسل أفضل لكونه الأصل، وذهب إليه جماعات من الصحابة منهم: عمر بن الخطاب، وابنه عبد الله، وأبو أيوب الأنصاري ـ رضي الله عنهم ـ وذهب جماعات من التابعين إلى أن المسح أفضل، وذهب إليه الشعبي والحكم وحماد، وعن أحمد روايتان: أصحهما: المسح أفضل. والثانية: هما سواء، واختاره ابن المنذر. انتهى.
وتوسط بعض العلماء كشيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ فقال إن الأفضل في حق كل أحد ما وافق حاله، فمن كان لابسا للخف فالأفضل في حقه أن يمسح ولا يخلع ليغسل، ومن كانت قدماه مكشوفتين فالأفضل أن يغسل ولا يلبس ليمسح، جاء في حاشية الروض: وقال الشيخ: الأفضل في حق كل واحد ما هو الموافق لحال قدمه فالأفضل للابس الخف أن يمسح عليه ولا ينزع خفيه، اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، والأفضل لمن قدماه مكشوفتان غسلهما، قال الشيخ: ولا يتحرى لبس الخف ليمسح، إنما كان عليه الصلاة والسلام يغسل قدميه إن كانتا مكشوفتين ويمسح إذا كان لابسا للخف، وقال ابن القيم: ولم يكن صلى الله عليه وسلم يتكلف ضد حاله التي عليها قدماه، بل إن كانتا في الخف مسح عليهما، وإن كانتا مكشوفتين غسل القدمين، ولم يلبس الخف ليمسح عليه، قال الشيخ: وهذا أعدل الأقوال. انتهى.
وعليه، فالمسألة من مسائل الاجتهاد، فمن كان يرى أن الغسل أفضل، أو كان يقلد من يقول بذلك فخلع خفيه أو جوربيه ليغسل رجليه طلبا لكمال الأجر ولم تكن به رغبة عن الرخصة فلا حرج عليه في ذلك، وإن كان ما ذكره شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ من أن الأولى طرح التكلف في ذلك هو الأقرب، والأمر واسع ـ والحمد لله.
والله أعلم.