عنوان الفتوى : هل تقطع التلاوة للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
كثيراً ما أسمع من يذكر النبي صلى الله عليه وسلم قريبا مني وأنا أقرأ القرآن، أو أقول ذكراً محددا بعدد، فهل أقطع ذلك للصلاة عليه، وهل في هذه الحالة أعيد الذكر المحدد بعدد؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند ذكر اسمه مطلوبة، لما أخرجه الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي.
وقال صلى الله عليه وسلم ـ أيضاً: رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي.
رواه الترمذي.
ثم إنه اختلف هل تطلب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أثناء التلاوة والذكر أم لا؟ فذهب الحنفية إلى أن التلاوة لا تقطع من أجل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند ذكره، فقد جاء في المحيط البرهاني للإمام برهان الدين ـ وهو حنفي: القارئ إذا سمع اسم النبي صلى الله عليه وسلم، لا تجب عليه الصلاة، لأن قراءة القرآن على نظمه وتأليفه أفضل من الصلاة على النبي عليه السلام، فإذا فرغ من قراءته، إن صلى على النبي عليه السلام فحسن، وإن لم يصل فلا شيء عليه.
وذهب بعض الشافعية إلى أنها مطلوبة من السامع والتالي في الصلاة وفي غيرها، ففي تحفة المحتاج نقلاً عن صاحب العباب: لو قرأ المصلي آية فيها اسم محمد صلى الله عليه وسلم ندب له الصلاة عليه في الأقرب بالضمير، كصلى الله عليه وسلم، لا اللهم صل على محمد للاختلاف في إبطال الصلاة بركن قولي، والظاهر أنه لا فرق بين أن يقرأ، أو يسمع.
وتؤيد هذا عدة آثار عن السلف، ففي مصنف ابن أبي شيبة عن الحسن قال: إذا قال الرجل في الصلاة: إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً ـ فليصل عليه.
وعن المغيرة قال: قلت لإبراهيم: أسمع الرجل وأنا أصلي يقول: إن الله وملائكته يصلون على النبي ـ أأصلي عليه؟ قال: نعم إن شئت.
وعارض هذا ما في مصنف ابن أبي شيبة ـ أيضاً ـ قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن جابر، عن عامر، قال: قلت له: الرجل يمر بهذه الآية في الصلاة: إن الله وملائكته يصلون على النبي ـ أيصلي عليه؟ قال: يمر.
وقال ابن سيرين: كانوا إذا قرؤوا القرآن لم يخلطوا به ما ليس منه ويمضون كما هم. انتهى.
وأما عن إعادة الذكر: فإنها لا تطلب، فقد جاء في الفتاوى الكبرى لابن تيمية: وهذه الأذكار لا تفوت، وإذا قطع الموالاة فيها لسبب شرعي كان جائزاً، مثلما يقطع الموالاة فيها بكلام لما يحتاج إليه من خطاب آدمي وأمر بمعروف ونهي عن منكر. انتهى.
والله أعلم.