عنوان الفتوى : ترى لحية زوجها غير منظمة فهل تأثم لو طالبته بإزالتها

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

زوجة ترى أن لحية زوجها غير جذابة ومنظمة ، فهل لها أن تطلب منه أن يزيلها؟ وهل تأثم بذلك؟

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله.

يحرم على الرجل حلق لحيته ، وتقصيرها ؛ للأدلة الآمرة بإعفائها .

وينظر : جواب السؤال رقم (110462) ورقم (100909)
والواجب على المؤمن أن يسلّم ويذعن لأمر الله تعالى ، وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم ، وألا يكون في نفسه حرج أو ضيق من ذلك ، كما قال تعالى : ( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) النساء/65
وقال جل وعلا : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ) الأحزاب/36
 

وقد أحسن الزوج بإعفائه لحيته دون مبالاة بكونها جذابة أو غير جذابة .

ولا يجوز للزوجة أن تطلب منه حلقها أو تقصيرها ، وتأثم بذلك ؛ لأنها دعوة إلى المعصية ومخالفة الشرع .

ونصيحتنا لها أن تتقبل هذا الأمر براحة نفس وانشراح صدر ، وأن تعلم أن امتثال أمر الشرع فيه الخير والفلاح والنجاح ، وأن من أطلق لحيته فهو متشبه بسيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم وبالأنبياء قبله ، وبالصحابة والتابعين ومن بعدهم من أهل الخير والفضل ، فإن حلق اللحية لم يعرف إلا في الأزمنة المتأخرة جدا .

وإن مما يعينها على قبول هذا الأمر أن تعلم أن الله يبتلي عباده بما شاء من السراء والضراء كما قال : ( وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ) الأنبياء/35 ، فإن كانت تنفر من اللحية ، أولا يعجبها مظهر زوجها بها : فلتصبر على ذلك ، وهي مأجورة إن شاء الله ، وحسبها أن زوجها إنما أراد طاعة ربه وامتثال أمره .

غير أن نصيحتنا ـ أيضا ـ للزوج أن يعتني بالتزين لزوجته ، بما أمكنه  من المباحات المناسبة للرجال ، فهذا من حقها عليه ، كما أن من حقه عليها أن تتزين له ، لقول الله تعالى : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) البقرة/228 . قال ابن عباس رضي الله عنهما : " إنِّي أُحِبُّ أَنْ أَتَزَيَّنَ لِلْمَرْأَةِ , كَمَا أُحِبُّ أَنْ تَتَزَيَّنَ لِي الْمَرْأَةُ , لأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ : وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَسْتَنْنظفَ حَقِّي عَلَيْهَا [ أي : أستوفيه وأستقصيه ], لأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ : وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ . " رواه ابن أبي شيبة (5/272) والطبري في تفسيره (4/532) .

قال القرطبي رحمه الله :

" قال العلماء : أما زينة الرجال فعلى تفاوت أحوالهم ، فإنهم يعملون ذلك على اللبَق والوفاق ، فربما كانت زينة تليق في وقت ولا تليق في وقت ، وزينة تليق بالشباب ، وزينة تليق بالشيوخ ولا تليق بالشباب ، ألا ترى أن الشيخ والكهل إذا حف شاربه لِيق به ذلك وزانه ، والشاب إذا فعل ذلك سمج ومقت ؛ لأن اللحية لم توفر بعد ، فإذا حف شاربه في أول ما خرج وجهه سمج ، وإذا وفرت لحيته وحف شاربه زانه ذلك . وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( أمرني ربي أن أعفي لحيتي وأحفي شاربي ) [ أخرجه ابن جرير وغيره ، وحسنه الألباني ] ، وكذلك في شأن الكسوة ، ففي هذا كله ابتغاء الحقوق ، فإنما يعمل على اللبق والوفاق عند امرأته في زينة تسرها ويعفها عن غيره من الرجال .

وكذلك الكحل من الرجال : منهم من يليق به ، ومنهم من لا يليق به . فأما الطيب والسواك والخلال [ يعني : تنظيف الأسنان ] والرمي بالدرَن وفضول الشعر والتطهير وقلم الأظفار فهو بين موافق للجميع ... " انتهى . "تفسير القرطبي" (3/124) .

والخلاصة : أنه لا يجوز للزوجة أن  تطلب من زوجها أن يزيل لحيته ، لما في ذلك من الأمر بمعصية الله ، وعلى الزوج أن يتزين لامرأته بتسريح لحيته وتنظيفها وتطييبها ، واستعمال ما يليق بمثله من الزينة المباحة .

والله أعلم .