عنوان الفتوى : معاوية بن أبي سفيان وحجر بن عدي
انتشر الخبر أن معاوبة بن أبي سفيان وقت خلافته قتل حجر بن عدي – على أنه اختلف في صحبته – ظلما، فما موقف الشرع من هذا ؟
بسم الله ، والحمد لله ،والصلاة والسلام على رسول الله ،وبعد: –
المسئول عنهما كلاهما الآن بين يدي الله تعالى ، وكفى بالله قاضيا.
ولما سئل عمر بن عبد العزيز عما وقع بين الصحابة من حروب، قال كلمته الشهيرة: تلك دماء طهر الله منها أيدينا، فلنطهر منها ألسنتنا!
فكيف يليق بأمثالنا أن ينصبوا أنفسهم قضاة على ما كان بين الصحابة .
وقال صلى الله عليه وسلم : (إذا ذكر أصحابي فأمسكوا ، و إذا ذكرت النجوم فأمسكوا ، و إذا ذكر القدر فأمسكوا) . ( ذكره الألباني في صحيح الجامع
ولذلك فمن منهج أهل السنة والجماعة الإمساك عن ذكر هفوات الصحابة ، وتتبع زلاتهم ، وعدم الخوض فيما شجر بينهم .
قال أبو نعيم رحمه الله : (( فالإمساك عن ذكر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذكر زللهم ، ونشر محاسنهم ومناقبهم، وصرف أمورهم إلى أجمل الوجوه ، من أمارات المؤمنين المتبعين لهم بإحسان ، الذين مدحهم الله عز وجل بقوله : { والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان )) .
ويقول أيضا في تعليقه على الحديث المشار إليه : (( لم يأمرهم بالإمساك عن ذكر محاسنهم وفضائلهم ، وإنما أمروا بالإمساك عن ذكر أفعالهم وما يفرط منهم في ثورة الغضب وعارض الوجدة )) . ( الإمامة 347 ) .
إذا فالإمساك المشار إليه في الحديث الشريف إمساك مخصوص يقصد منه عدم الخوض فيما وقع بينهم من الحروب والخلافات على سبيل التوسع وتتبع التفصيلات ونشر ذلك بين العامة ، أو التعرض لهم بالتنقص لفئة والانتصار لاخرى . ( منهج كتابة التاريخ الإسلامي لمحمد بن صامل 227 ) .
ونحن لم نؤمر بما سبق، وإنما أمرنا بالاستغفار لهم ،ومحبتهم ، ونشر محاسنهم وفضائلهم ، وإذا ظهر مبتدع يقدح فيهم بالباطل فلابد من الذب عنهم ، وذكر ما يبطل حجته بعلم وعدل . ( منهاج السنة 6 / 254 ) .
وهذا مما نحتاجه في زماننا ، حيث ابتليت الأمة المسلمة في جامعاتها ومدارسها بمناهج – يزعم أصحابها الموضوعية والعلمية – تخوض فيما شجر بين الصحابة بالباطل دون التأدب بالآداب التي علمنا إياها ربنا عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم .
وكذلك وللأسف وصلت هذه العدوى إلى بعض الإسلاميين ، حتى إن بعضهم يجمع الغث والسمين من الروايات حول الفتنة التي وقعت بين الصحابة ، ثم يبني أحكامه دون الاسترشاد بأقوال الأئمة الأعلام وتحقيقاتهم .