عنوان الفتوى : حلف بالطلاق من أمها إن هي لم تخلع نقابها فماذا تصنع ؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

صديقتي فتاة منتقبة , وحدث لها بعض التعثر في دراستها , فاتهم والدها أن سبب ذلك هو ارتداء النقاب , وحلف على والدتها بالطلاق إن لم تخلعه , فما تفعل ؟ .

مدة قراءة الإجابة : 6 دقائق

الحمد لله

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يثبت صديقتك على الحق ، وأن يهدي والدها ويلهمه رشده .

أولاً :

يجب على المرأة أن تستر وجهها عن الأجانب ؛ لأدلة كثيرة ، وقد سبق بيانها في جواب السؤال رقم (11774) فلينظر .

ثانياً :

يجب على ذلك الأب أن يتقي الله سبحانه وتعالى  , وأن لا يمنع ابنته من لبس النقاب , وقد فعلت ابنته ما أوجبه الشرع عليها ، وهو علامة الاستقامة ، والعفاف .

ولبس النقاب ليس سبباً للتعثر في دراسة ، أو غيرها ، وإلقاء اللوم على لبس النقاب دليل على ضعف إيمان الأب , وتهديد ابنته بتطليق أمها لا شك في خطئه ؛ فإنه لا علاقة للأم بهذا ، ولم يوجد منها ما يقتضي طلاقها ، فتعليق طلاق الأم على استمرار ابنتها في لبس النقاب دليل على العجز والضعف ، فأي عاقل يمكن أن يهدم بيته وأسرته من أجل التزام ابنته بلباسها الشرعي ، ومنع الرجال الأجانب من النظر إليها ؟! .

ثالثاً :

تعليق الطلاق على شيء ما ـ كما فعل والد هذه الفتاة ـ : قد اختلف أهل العلم في حكمه ، فذهب أكثرهم إلى أنه يقع به الطلاق متى حصل الشرط المعلق عليه الطلاق .

ورأى آخرون أن فيه تفصيلاً ، فإن أراد الطلاق وقع الطلاق ، وإن أراد التهديد والتخويف فهو يمين وليس طلاقاً .

وينظر جواب السؤال رقم  : (82400) .

وأما هل تطيع هذه الفتاة أباها وتخلع نقابها وتكون مضطرة لهذا ، أو تستمر على ما هي عليه ولو وقع الطلاق على أمها؟

فهذا فيه تفصيل :

فإن كانت هذه هي الطلقة الأولى ، أو الثانية ، للأب : فنرى أنها لا تطيعه ، وإن كانت طلقته هي الثالثة : فهي في حكم المضطرة لفعل تلك المعصية ، فتكشف عن وجهها ، وتحاول الستر قدر الاستطاعة ، وأن لا تخرج من بيتها لغير ضرورة ، إلى أن ييسر الله لها ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ) رواه ابن ماجه (1662) ، وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" .

ولينظر جواب السؤالين : (117169) و (136070) .

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :

لو قال الأب لابنه : خذ يا بني هذه العشر ريالات اشتر لي بها " علبة " دخان ! فهل يلزمه طاعته؟

الجواب : لا ، لا يلزمه طاعته ، بل يحرم عليه ؛ لأن الله تعالى قال : (وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا) لقمان/15 .

إذا قال له : اشتر لي وإلا طلقت أمك ! - والمسألة هذه تقع من بعض السفهاء ! يلجئ الولد إلى هذا - فهل هذا ضرورة ؟ .

الظاهر : أن هذا ضرورة ؛ لأنه ربما يتجرأ هذا الغشيم (الأب) ويطلِّق الأم ، وتكون هذه آخر ثلاث تطليقات ، فتنفصم عرى الأسرة .

فالمهم إذاً : إذا دعت الضرورة إلى ذلك : فهو كغيره من المحرمات التي تبيحها الضرروة ، أما إذا لم تكن ضرورة فيجب عليه أن يعصي والده في ذلك .

" شرح بلوغ المرام " ( كتاب البيوع ، شريط رقم 2 ) ، " فتح ذي الجلال شرح بلوغ المرام " ( 3 / 472 ) المكتبة الإسلامية .

ولينظر جواب السؤال رقم ( 12094 ) ففيه فتوى للشيخ العثيمين رحمه الله في التفصيل السابق بين كون الطلاق رجعيّاً ، أو أنه آخر ثلاث طلقات ، وفي المسألة عينها .

والنصيحة لأختنا أن تلجأ إلى الله تعالى بالدعاء أن يهدي والدها ، ويصلحه ، ويلهمه رشده .

ثم إن عليها أن تترفق في إقناعه أن النقاب ليس له دخل في تعثر الدراسة , وأن لبسه إنما هو سبب لحصولها على مرضاة الله , وتحاول إقناعه أنها ستبذل جهدها في تحسين أدائها الدراسي , ولو استعانت في إقناعه بأولي الأحلام والنهى من أهلها ، أو أقاربها ، أو من بطانته : لكان أفضل.

ثم عليها بعد ذلك أن تبحث عن أسباب تعثرها في الدراسة , وأن تعمل على حلها ، وتجاوزها , وتستعين بالله في ذلك ، مع بذل الأسباب من الجد ، والاجتهاد .

ونسأل الله أن يهدي والدها ويصلحه ، وأن يثبت أختنا على طاعته، والعمل بمرضاته .

والله أعلم