عنوان الفتوى : ترك العمل خوف الرياء ليس من الإخلاص
في البداية أشكركم على هذا الموقع المتميز وأطلب منكم أن تعرضوا أسئلتي على الشيخ، كما أطلب منكم أن تسامحوني على الإطالة وأن تجيبوا عن أسئلتي كاملة فإنني أعاني من الوسواس معاناة شديدة. بعد أن قررت الالتزام (ولو نسبيا ) جاءتني بعد أشهر حالة وسوسة شديدة حولتني من إنسان متميز في الدراسة إلى إنسان فاشل لا يطبق أي قرار يتخذه وذلك بسبب الوساوس الشديدة في أمور العقيدة والطهارة والنية والصلاة.بعد مدة من قراري أن أدرس لله (كي أنفع الأمة وخاصة كي أهاجر بتفوقي إلى بلد آخر أمارس فيه تعاليم الدين بعيدا عن ضغوط كل من الأسرة والمجتمع والدولة، وهذا البلد قد يكون بلدا غربيا وذلك لاكتساب خبرة إضافية ولتقديم الإسلام للآخرين. فإذا صار لي أولاد فإن خفت عليهم عندها سأحاول الذهاب إلى إحدى دول الخليج لأن الظروف عندنا لا تسمح بالتنشئة الإسلامية خاصة إذا كانت شخصية الشخص ضعيفة مثلي)صرت لا أتحمس للدراسة إلا إذا ابتغيت بها وجه الله فتأتيني أفكار تقول لي كيف تطمع أن تنال ثوابا على الدراسة وهي سبب في المعاصي التالية:١ تأخير الصلاة إلى وقتها الضروري أو صلاتها قضاء٢ الاختلاط و النظر إلى الطالبات أثناء الدراسة ( قد أنظر بشهوة في أحيان قليلة ) كما أن هناك لمسا للنساء عند الزحام في وسائل النقل أثناء الذهاب للجامعة أو غيرها من الأسباب.٣ أحيانا أتظاهر أمام والدي أنني أدرس أو أمام الأستاذ بأنني مهتم بما يقوله .هل يذهب الأجر كله أم ينقص منه؟كما أنني كنت سابقا أغش أحيانا في الامتحانات، كما أن أبي قد تبناه جده أي أن لقبي الذي أكتبه في الامتحان غير صحيح كما يوجد في بطاقة التعريف التي أستظهر بها أثناء اجتياز الامتحان أن اسم جدي محمد وهذا غير صحيح . وزد على ذلك أنه عند دخولي للجامعة أعطوني ورقة سألوني تعميرها تتضمن أسئلة من نوع "هل أصبت من قبل بأحد الأمراض التالية" فأجبت بلا وكنت قد أصبت من قبل ببعضها ولا أدري ماهي العقوبة التي ينالها من أدلى بتصريح كاذب (هل هي الطرد النهائي من الجامعة) إضافة إلى ذلك فإنني في سنة الباكالوريا لم أكن بارعا في الرياضة فقال لي أحدهم تظاهر بالمرض ففعلت ذلك حياء منه فقط ولم أكن راغبا في ذلك.المشكلة الأكبر من كل هذا أنني لو واجهت الآن نفس الموقف فإنني في الأمرين الأخيرين سأقع في نفس الخطإ ( في مسألتي تعمير الورقة والتظاهر بالمرض) وذلك حياء من بعض الناس . -٤ إذا تغيبت عن الفصل (دون أن أعلم أحدا من العائلة التي تتكفل بمصاريف الدراسة بالأمر لأنهم سيرفضون الأمر) إما لسبب معتبر كالذهاب لأداء الصلاة جماعة، أو غير معتبر كأن أتغيب لأنني لا أرى فائدة من حضوري في هذه الحصة نظرا لأنني إن درست وحدي في وقت الحصة فإنني سأستفيد أكثر من الحضور .فهل أنا آثم أو يذهب الأجر كله أم ينقص منه علما بأن الجامعة تمنع كل غياب وتعاقب عليه إلى درجة الحرمان من أداء مناظرة الدخول لمرحلة الدراسات الهندسية التي تمثل الهدف وراء التحاقي بهذه الجامعة غير أن إدارة الجامعة لا تطبق هذا القانون أبدا؟ 5-إذا وجدت متعة أثناء الدراسة خاصة أثناء مادتي الرياضيات والفيزياء وذلك بسبب حب هذه المواد ولم تكن المتعة مقصودة بذاتها إنما فقط تشجع على الاجتهاد أكثر والصبر أكثر وقضاء وقت أكثر في الدراسة .هل هذا يذهب الأجر كله أم ينقص منه (فأنا كلما أردت الدراسة وبدأت أستمتع بها بدأ الشيطان في التنكيد علي مما يؤدي لنقص في التركيز . كيف أرجو الأجر من الدراسة وأنا بسبب تواجدي في القسم أصلي بعض الصلوات قضاء وقد أؤخر الغسل من الجنابة بسببها؟ بل وكيف أرجو حصول الأجر وهناك من العلماء من قال إن من أخر الصلاة بغير عذر كافر وهذا القول يسبب لي توترا شديدا فأنا أخاف من الموت قبل التوبة (نظرا أن الظروف وضعف الإيمان لا يسمحان لي بالتوبة الآن) فإن متّ الآن هل أخلد في النار؟ والمشكلة أن التفكير في هذا الأمر لا يعود علي بالنفع بل على العكس أنا الآن لا أركز في الدراسة ولا في صلاتي دون أن تحصل التوبة. ماذا أفعل علما بأنني لو انقطعت عن الدراسة فإن حالة الكآبة ستزيد وقد أقع في معاص أخرى ؟ إنني في حيرة وقد ذهبت للعلاج النفسي ولكنني أحتاج لنصيحتكم؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله أن يعافيك ويصرف عنك السوء ويهديك لأرشد أمرك.
واعلم أنّ الواجب عليك المبادرة إلى التوبة مما فرطت فيه من تأخير الصلاة دون عذر، والاختلاط بالنساء على وجه محرم ، والكذب في غير ما رخص الشرع فيه ، وانظر ذلك في الفتوى رقم: 111035
وعليك أن تحرص على طاعة الله واجتناب محارمه، مع مواصلة الدراسة والاجتهاد فيها، واحذر من تخذيل الشيطان وصرفه لك عن الأعمال النافعة والهمة العالية ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :..احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ . رواه مسلم.
وقال العز بن عبد السلام : الشيطان يدعو إلى ترك الطاعات فإن غلبه العبد وقصد الطاعة التي هي أولى من غيرها أخطر له الرياء ليفسدها عليه، فإن لم يطعه أوهمه أنه مراء وأن ترك الطاعة بالرياء أولى من فعلها مع الرياء فيدع العمل خيفة من الرياء لأن الشيطان أوهمه أن ترك العمل خيفة الرياء إخلاص والشيطان كاذب في إيهامه إذ ليس ترك العمل خوف الرياء إخلاص.. مقاصد الرعاية لحقوق الله عز وجل.
وأما محبتك لبعض المواد واستمتاعك بدراستها فلا ينافي الإخلاص في طلب العلم، ما دام الباعث على الدراسة مرضاة الله.
قال ابن تيمية: وَمِنْ طَلَبِ الْعِلْمَ أَوْ فِعْلِ غَيْرِهِ مِمَّا هُوَ خير فِي نَفْسِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَحَبَّةِ لَهُ لَا لِلَّهِ وَلَا لِغَيْرِهِ مِن الشُّرَكَاءِ فَلَيْسَ مَذْمُومًا بَلْ قَدْ يُثَابُ بِأَنْوَاعٍ مِن الثَّوَابِ. الفتاوى الكبرى.
واعلم أنّ عليك الإعراض عن الوساوس وعدم الالتفات إليها جملة وتفصيلاً ، ومّن أعظم ما يعينك على ذلك : الاستعانة بالله وصدق اللجوء إليه وكثرة الدعاء ، وراجع في وسائل التخلص من الوسوسة الفتاوى أرقام : 39653 ، 103404، 97944 ، 3086 ، 51601
وللفائدة يمكنك التواصل مع قسم الاستشارات بالشبكة.
والله أعلم.