عنوان الفتوى : ما يترتب على الإمام والمأمومين لو أخطأ الإمام في السجود وسجد للسهو سجدة واحدة.
1-كنا نصلي الجمعة خلف الإمام وأخطأ في السجدة الأولىوتم التنبيه عليه بالتسبيح وعندما أراد أن يسجد سجود السهو أتى بسجدة واحدة فقط , .ونعلم أنهذا خطأ. فبعض المصلين أعاد الصلاة- صلاة ظهر-والكثير لم يفعلوا شيئا سوى متابعة الإمام المخطئ فما الحكم لتصحيح خطإ الإمام الذى كان يشعر حينهابالمرض . وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يبدو لنا من كلام السائل أن الجميع تصرفوا دون علم بأحكام سجود السهو، وحكم ذلك عند الفقهاء مبني على وجوب تعلم أحكام الفرائض، وأنه لا يجوز للمكلف أن يقدم على فعل حتى يعلم حكم الله فيه، وقد نقل الإجماع على هذا الغزالي في الإحياء، والشافعي في الرسالة. فمن وجبت عليه الصلاة تعين عليه أن يعرف أحكامها، ومن وجب عليه الحج تعين عليه أن يعرف أحكامه، قال القرافي في الفروق: (فإذا كان العلم بما يقدم عليه الإنسان واجباً، كان الجاهل في الصلاة عاصياً بترك العلم، فهو كالمتعمد الترك بعد العلم بما وجب عليه، فهذا هو وجه قول مالك -رحمه الله- إن الجهل في الصلاة كالعمد)ا.هـ. الفرق الثالث والتسعون.
فالجاهل بالأحكام الشرعية الواجبة عليه كالعامد لا كالناسي، فالناسي معذور لأن النسيان يهجم عليه قهراً ولا حيلة له في دفعه، ولذلك عفا الله عنه فقال: (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا)[البقرة: 286] وفي صحيح مسلم أن الله تعالى قال: قد فعلت.
أما الجاهل فإنه غير معذور لأنه يمكنه دفع جهله بالتعلم قال تعالى: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)[النحل:286] وبهذا يتبين لنا أن الذين تركوا السجدة الثانية جهلاً صلاتهم باطلة لأن جهلهم كعمدهم، وهذا ينطبق على الجميع، أما من أعاد الجمعة ظهراً فقد أصاب، لأنه لما بطلت جمعته أتى بما يجب عليه، وهو صلاة الظهر، لأنه يتعذر عليه إعادة الجمعة وحده، هذا إذا كان السجود الذي تركوه واجباً، ولبيان الواقعة بعينها، أرسل لنا سبب السجود.
لكن قد يقال: إن معاوية بن الحكم تكلم في الصلاة جاهلاً، ولم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالإعادة، مع أن الصحابة نبهوه. وهذا دليل على انتشار هذا الحكم بينهم، وعدم خفائه عليهم، والجواب أن الكلام في الصلاة من المنهيات، وسجود السهو من المأمورات، قال الزركشي في المنثور: (الجهل والنسيان يعذر بهما في حق الله تعالى في المنهيات دون المأمورات)ا.هـ. ويقول الإمام السبكي في الفتاوى مبيناً سبب التفريق بين المأمورات والمنهيات: (والفرق بين الأوامر والنواهي في هذا المعنى، أن الأوامر قصد فيها فعل المأمور به لمصلحة المكلف، ولا تحصل له المصلحة إلا بالفعل، فإذا ترك عصى لإخلاله بالمقصود، وتلك المعصية مستمرة حتى يأتي بالمقصود، فلا يسقط الفعل قطعاً، ولا الإثم المتعلق به، حتى يأتي به لأنه هو المقصود، وأما النواهي فالمقصود منها عدم المنهي عنه) وقال الزركشي في المنثور: (والمنهيات مزجور عنها بسبب مفاسدها امتحاناً للمكلف بالانكفاف عنها، وذلك إنما يكون بالتعمد لارتكابها، ومع النسيان والجهالة لم يقصد المكلف ارتكاب المنهي فعذر بالجهل فيه) ا.هـ .
هذا مع العلم بأن صلاة الجميع صحيحة عند فقهاء الشافعية لأن سجود السهو عندهم سنة لا واجب، قال عميرة بن شهاب الدين البرلسي في حاشيته على كنز الراغبين: (الصارف لأحاديثه عن الوجوب، ما في بعضها -يعني بعض روايات الحديث- كانت الركعة له نافلة والسجدتان، ولأن البدل كمبدله أو أخف، ولذا وجبت جبرانات الحج دون هذا. والله أعلم) ا.هـ
ولكن قول الجمهور أقوى، والعمل به أحوط، فعلى الذين تركوا السجدة ولم يصلوا الظهر، أن يقضوا هذه الصلاة، وبهذا تبرأ ذمتهم عند الجميع.
والله أعلم.