عنوان الفتوى : قراءة الكتب الجنسية ... رؤية شرعية
هل قراءة الكتب الجنسية حرام؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أما بعد :
فإن كنت تقصد بالكتب الجنسية ، تلك الكتب التي تشرح كيفيات التقاء الرجل بزوجته ، بطرق غير مشروعة ، فإنها لا تجوز قراءتها ولا النظر فيها؛ ولو احتوت على بعض ما هو مشروع ، تغليبا لجانب التحريم ، وذلك لما فيها من الحث على الفواحش والمنكرات ، وتهييج الغرائز والشهوات ، وتشتد حرمة مثل هذه الكتب إذا احتوت على الصور العارية للرجال والنساء ، لأن النظر إلى العورات مقطوع بتحريمه في القرآن ، فقد قال الله تعالى: ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) [النور:30].
والإنسان لا يحتاج إلى مثل هذه الكتب ، لأن اللقاء بين الزوجين أمر فطري يعرفه كل واحدٍ بفطرته ، دون حاجة إلى ممن يعلمه .
وإن كنت تقصد الكتب التي تعلم الرجل والمرأة آداب العشرة الزوجية من خلال الكتاب والسنة وكلام سلف الأمة ، فهذا لا شيء فيه ، لأنه مما يعين على أمر الدين ، ولذلك اهتم به الإسلام، ففي القرآن : ( وعاشروهن بالمعروف ) [ النساء :19] وهو أمر عام يشمل جميع نواحي العشرة ، ومنها المعاشرة الجنسية.
وفي السنة أمر النبي صلى الله عليه وسلم ـ بملاطفة المرأة ومداعبتها .
روى مسلم عن جابر أنه تزوج ثيباً ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم :
" فهلا جارية تلاعبها وتلاعبك " . وفي رواية : " وتضاحكها وتضاحكك " وأمثال هذا.
ودلت على ذلك سيرته مع نسائه ـ صلوات ربي وسلامه عليه- فقد كان يقبل نساءه وهو صائم ، ويشرب الماء من الموضع الذي شربت منه عائشة وهي حائض ، إلى غير ذلك من الآداب وفي كلام العلماء ما يدل على أهمية مراعاة هذه الآداب ، ومن هؤلاء الغزالي ـ رحمه الله ـ حيث قال في الإحياء : ( ثم إذا قضى وطره فليتمهل على أهله حتى تقضي هي أيضاً نهمتها ، فإن إنزالها ربما يتأخر فيهيج شهوتها ، ثم القعود عنها إيذاء لها ، والاختلاف في طبع الإنزال يوجب التنافر مهما كان الزوج سابقا إلى الإنزال، والتوافق في وقت الإنزال ألذ عندها ليشتغل الرجل بنفسه عنها، فإنها ربما تستحي .
وينبغي أن يأتيها في كل أربع ليال مرة فهو أعدل ، إذ عدد النساء أربعةٍ فجاز التأخير إلى هذا الحد " .
فأمثال هذا من الكلام تجوز قراءته ، لأنه مما يعين على قضاء حقوق الزوجة وإعفافها ، ولا فرق بين ما كان مكتوبا من أهل العلم الشرعي، أو غيرهم من أهل الطب وعلماء النفس، ما لم يخرج عن حدود الشرع .
والله أعلم .