عنوان الفتوى : حكم صلاة التطوع بعد طلوع الفجر
أريد أن أصلي بعد سنة الفجر وقبل إقامة الصلاة ما شاء لي أن أصلي حتى تقام الصلاة ، ما حكم ذلك جزاكم الله خيراً ؟
الحمد لله.
اختلف أهل العلم رحمهم الله في التطوع بعد طلوع الفجر، وقبل صلاة الصبح ، فالمذهب عند الحنابلة أنه ينهى عنه إلا سنة الفجر فقط .
جاء في "دقائق أولي النهى" (1/275) : في أوقات النهي عن الصلاة خمسة أحدها : " من طلوع الفجر الثاني إلى طلوع الشمس " انتهى .
والمعنى أنه إذا طلع الفجر صلى ركعتي الفجر ثم أمسك عن الصلاة ؛ لما روى أبو داود (1278) عَنْ يَسَارٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ قَالَ رَآنِي ابْنُ عُمَرَ وَأَنَا أُصَلِّي بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ ، فَقَالَ يَا يَسَارُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ نُصَلِّي هَذِهِ الصَّلَاةَ فَقَالَ : ( لِيُبَلِّغْ شَاهِدُكُمْ غَائِبَكُمْ لَا تُصَلُّوا بَعْدَ الْفَجْرِ إِلَّا سَجْدَتَيْنِ ) والحديث صححه الألباني رحمه الله في صحيح أبي داود .
وهذا مبني عندهم على أن النهي متعلق بالوقت - وهو طلوع الفجر - ، لا بفعل الصلاة.
وعن أحمد رواية أخرى ، وهو المذهب عند الشافعية , أن النهي متعلق بفعل الصلاة ، فإذا صلى الصبح أمسك عن الصلاة ; لما روى أبو سعيد , أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لَا صَلَاةَ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ وَلَا صَلَاةَ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ ) رواه مسلم (827), وفي حديث عمرو بن عبسة قال : ( صَلِّ صَلَاةَ الصُّبْحِ ثُمَّ أَقْصِرْ عَنْ الصَّلَاةِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ ) رواه مسلم (832) ، ومعنى هذا أن وقت النهي يدخل بفعل صلاة الصبح ، لا بطلوع الفجر .
ينظر "المجموع" (4/76) ، و"المغني" (1/428) ، و"الموسوعة الفقهية" (7/183)
ورجح الشيخ ابن عثيمين رحمه الله هذا القول ، فما بعد صلاة الصبح إلى طلوع الشمس وقت نهي ، وأما قبل صلاة الصبح فليس وقت نهي لكن لا يشرع فيه إلا أداء ركعتي الفجر ؛ لأن هذا هو الوارد عنه صلى الله عليه وسلم ولم يرد عنه تطوع بشئ غيرهما .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " ولكن القول الصحيح : أن النهي يتعلَّقُ بصلاةِ الفجرِ نفسِهَا ، وأما ما بين الأذان والإقامة، فليس وقت ، لكن لا يُشرع فيه سوى ركعتي الفجر...فإذا كان هذا هو القول الصَّحيح ؛ فما الجواب عن الحديث الذي استدلَّ به المؤلف ؟
الجواب عن ذلك من وجهين :
أحدهما : أنَّ الحديث ضعيف.
الثاني : على تقدير أنَّ الحديث صحيحٌ ؛ يُحمل قولُه: " لا صلاةَ بعدَ طُلوع الفجرِ " على نفي المشروعية، أي: لا يُشرع للإنسانِ أنْ يتطوَّعَ بنافلةٍ بعد طُلوع الفجر إلا ركعتي الفجر، وهذا حقٌّ ؛ فإنه لا ينبغي للإنسان بعد طُلوعِ الفجر أنْ يتطوَّع بغير ركعتي الفجر ، فلو دخلت المسجدَ وصلَّيتَ ركعتي الفجر، ولم يَحِنْ وقتُ الصَّلاة وقلتَ : سأتطوَّعُ ؟ قلنا لك : لا تفعل ؛ لأنَّ هذا غيرُ مشروع ، لكن لو فعلتَ لم تأثم ، وإنما قلنا : غيرُ مشروع ؛ لأنَّ الرسول صلّى الله عليه وسلّم إنما كان يُصلِّي ركعتين خفيفتين بعد طُلوعِ الفجرِ. وهي سُنَّةُ الفجرِ فقط ، يعني: بل حتى تطويل الرَّكعتين ليس بمشروع " انتهى ، من "الشرح الممتع" (4/51) باختصار.
وقال الشيخ الألباني رحمه الله : " ( فائدة ) : روى البيهقي بسند صحيح عن سعيد بن المسيب أنه رأى رجلا يصلي بعد طلوع الفجر أكثر من ركعتين يكثر فيها الركوع والسجود فنهاه فقال : يا أبا محمد ! أيعذبني الله على الصلاة ؟ ! قال : لا ولكن يعذبك على خلاف السنة . وهذا من بدائع أجوبة سعيد بن المسيب رحمه الله تعالى وهو سلاح قوي على المبتدعة الذين يستحسنون كثيرا من البدع باسم أنها ذكر وصلاة ثم ينكرون على أهل السنة إنكار ذلك عليهم ويتهمونهم بأنهم ينكرون الذكر والصلاة ! ! وهم في الحقيقة إنما ينكرون خلافهم للسنة في الذكر والصلاة ونحو ذلك . " انتهى من " إرواء الغليل " (2 / 236 )
والله أعلم
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |