عنوان الفتوى : هل ورد أن الله أمر بإدخال رجل النار فقال : ما كان هذا ظني بك يارب ؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

هل ورد حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله عز وجل يأمر الملائكة بإدخال رجل النار ، فيقول هذا الرجل : ( ما كان هذا ظني بك يا رب ) فيأمر الله بأن يدخلوه الجنة ؟

مدة قراءة الإجابة : 6 دقائق

الحمد لله

أولا :

لعل الحديث المشار إليه هو ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

( إن عبدا في جهنم ينادي ألف سنة : يا حنان ! يا منان ! فيقول الله تبارك وتعالى : يا جبريل اذهب فأتني بعبدي هذا ، فيذهب فيجد أهل النار منكبين على وجوههم يبكون ، فيرجع إلى ربه فيخبره فيقول : اذهب فأتني بعبدي . فيقول : هو في موضع كذا وكذا ، فيذهب فيجيء به ، فيوقف بين يدي الله تعالى ، فيقول : عبدي كيف وجدت مكانك ، وكيف وجدت مقيلك ؟ فيقول : يا رب شر مقيل وشر مكان . فيقول : ردوا عبدي . فيقول : يا رب ! ما كنت أرجو إذ أخرجتني منها أن تعيدني إليها . فيقول : دعوا عبدي )

رواه أحمد في " المسند " (21/99) طبعة مؤسسة الرسالة ، وابن أبي حاتم في " التفسير " (9/2935) ، وابن خزيمة في " التوحيد " (2/749-750)، وابن أبي الدنيا في " حسن الظن بالله " (110)، والبيهقي في في " شعب الإيمان " (1/500) وغيرهم :

من طرق عن سلام بن مسكين ، عن أبي ظلال ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه به مرفوعا.

قلنا :

وهذا إسناد ضعيف جدا بسبب أبي ظلال ، واسمه هلال بن أبي هلال عامة المحدثين على ضعفه ونكارة حديثه .

قال ابن الجوزي رحمه الله :

" هذا حديث ليس بصحيح " انتهى.

" الموضوعات " (3/267)

وقال الألباني رحمه الله :

" ضعيف جدا " انتهى.

" السلسلة الضعيفة " (1249)

وقد روي هذا المعنى أيضا عن بلال بن سعد ، من قوله :

( يأمر الله تعالى بإخراج رجلين من النار ، قال : فيخرجان بسلاسلهما وأغلالهما ، فيوقفان بين يديه ، فيقول : كيف وجدتما مقيلكما ومصيركما ؟ فيقولان : شر مقيل ، وأسوأ مصير . فيقول بما قدمت أيديكما وما أنا بظلام للعبيد . فيأمر بهما إلى النار ، فأما أحدهما فيمضي بسلاسله وأغلاله حتى يقتحمها ، وأما الآخر فيمضي وهو يتلفت ، فيأمر بردهما ، فيقول للذي غدا بسلاسله وأغلاله حتى اقتحمها : ما حملك على ما فعلت وقد اختبرتها ؟ فيقول : يا رب قد ذقت من وبال معصيتك ما لم أكن أتعرض لسخطك ثانيا . ويقول : للذي مضى وهو يتلفت ما حملك على ما صنعت ؟ قال : لم يكن هذا ظني بك يا رب . قال : فما كان ظنك ؟ قال : كان ظني حيث أخرجتني منها أنك لا تعيدني إليها .

قال : إني عند ظنك بي ، وأمر بصرفهما إلى الجنة )

رواه أبو نعيم في " حلية الأولياء " (5/226) قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا الوليد بن أبان ، ثنا أبو سعيد الدشتكي ، ثنا سليمان بن منصور بن عمار – هكذا في المطبوع ولعل الصواب سليم بن منصور -، ثنا أبي ، ثنا الهقل بن زياد ، عن الأوزاعي ، عن بلال بن سعد به . 

وهذا إسناد ضعيف أيضا ، بسبب منصور بن عمار ، جاء في ترجمته في " ميزان الاعتدال " (4/187) " قال أبو حاتم : ليس بالقوي . وقال ابن عدي : حديثه منكر . وقال الدارقطني : يروي عن ضعفاء أحاديث لا يتابع عليها " انتهى.

إضافة إلى أن بلال بن سعد من الطبقة الوسطى من التابعين ، كان قاصا مكثرا من القصص ، وهو وإن حكم العلماء بتوثيقه ، لكنه لم يسند كلامه هذا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فلا تقبل منه حكايته هذه لعدم ثبوتها .

وقد روي نحو ذلك المعنى ، مختصرا عن الحسن البصري ، رحمه الله .

ينظر : "القول المسدد" ، للحافظ ابن حجر (35) .

والخلاصة : أنه لا يثبت شيء في هذا المعنى عن النبي صلى الله عليه وسلم .

وينظر ، في حسن الظن بالله عز وجل ، جواب السؤال رقم : (125618)

والله أعلم .