عنوان الفتوى : ختم صلاة الليل بالوتر وحكم الركعتين بعده
ساعدوني رجاء، أنا جداً حائرة أصلي قيام الليل قبل أن أنام 4 ركعات، أسلم في كل ركعتين ثم أنام وأستيقظ قبل صلاة الفجر بنصف ساعة، وأصلي الوتر 3 ركعات بجلوس واحد وتشهد أخير فقط، وبعدها أصلي ركعتي التهجد فهل صلاتي صحيحة، وتعتبر 7 ركعات وتر؟ أم قيام 4 ووتر 3؟ وجزاكم الله خيراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما تفعلينه أمر حسن وصلاتك صحيحة مجزئة وهي من قيام الليل بلا شك، ونسأل الله لنا ولك المزيد من التوفيق، ولو استطعت أن تحافظي على ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتاده في القيام فهو أحسن وأفضل، وقد وصفت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قيامه فقالت: ما كان يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثاً. متفق عليه.
والركعتان اللتان تصلينهما بعد الوتر وإن كانتا جائزتين لثبوتهما من فعله صلى الله عليه وسلم لكنه إنما فعلهما لبيان جواز الصلاة بعد الوتر، كما ذكر ذلك النووي في شرح مسلم، وعبارته: الصواب أن هاتين الركعتين فعلهما صلى الله عليه وسلم بعد الوتر جالساً لبيان الجواز ولم يواظب على ذلك بل فعله مرة أو مرات قليلة. والأولى والأفضل أن تختمي صلاتك في الليل بالوتر، لقوله صلى الله عليه وسلم: اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً. ولقوله صلى الله عليه وسلم للأعرابي الذي سأله عن صلاة الليل: صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح صلى واحدة توتر له ما قد صلى. متفق عليه.
وخروجاً من الخلاف في مشروعية هاتين الركعتين فإن من العلماء بل أكثرهم يقول إنهما لا تشرعان بحال للحديث المتقدم: اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً. وإن كان بعض العلماء قد ذهب إلى استحباب الركعتين بعد الوتر كأنهما كالسنة للوتر، وهو ترجيح ابن القيم، قال رحمه الله في الهدي: وقد أشكل هذا يعني حديث الركعتين بعد الوتر على كثير من الناس فظنوه معارضا لقوله صلى الله عليه وسلم: اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً... والصواب أن يقال إن هاتين الركعتين تجريان مجرى السنة وتكميل الوتر فإن الوتر عبادة مستقلة ولا سيما إن قيل بوجوبه فتجري الركعتين بعده مجرى سنة المغرب من المغرب فإنها وتر النهار والركعتان بعدها تكميل لها فكذلك الركعتان بعد وتر الليل. انتهى.
وإيتارك بثلاث ركعات لا تشهد بينهن جائز وهو أحد صفات الوتر التي بينها العلماء، وأما عن هذه الركعات الأربع التي تصلينها في أول الليل فهي من قيام الليل قطعاً، وهي من الوتر عند بعض العلماء ولا تعارض بين كونها من قيام الليل وكونها وتراً على القول بأنها من الوتر، فإن الوتر من قيام الليل، وإذا وقع الوتر بعد القيام من النوم فإنه يسمى تهجداً أيضاً، قال ابن رجب في الفتح: وفي شرح المهذب الصحيح المنصوص -يعني: عن الشافعي في (الأم)، و (المختصر): أن الوتر يسمى تهجداً. انتهى.
والذي يدل عليه كلام ابن القيم رحمه الله أنه يختار أن الوتر هو الركعة المنفصلة عما قبلها أو الثلاث أو الخمس أو السبع، وأما ما قبلها من الأشفاع فلا يسمى وتراً، قال رحمه الله في إعلام الموقعين: والوتر اسم للواحدة المنفصلة مما قبلها وللخمس والسبع والتسع والتسع المتصلة كالمغرب اسم للثلاث المتصلة فإن انفصلت الخمس والسبع بسلامين كالإحدى عشرة كان الوتر اسما للركعة المفصولة وحدها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي الصبح أوتر بواحدة توتر له ما صلى. انتهى. وفي المسألة خلاف للعلماء أجاد الحافظ ابن رجب في تفصيله في شرحه على البخاري فليرجع إليه .
والله أعلم.