عنوان الفتوى : لا يجب إخبار الخاطب بمرض أقارب الزوجة
ربنا ابتلى أخي بمرض ثنائي القطب 1، مصاحبا بهلوسة وهذيان..لا أريد أن أكون أنانية لكن أريد أن أسأل عن حاجة متعلقة بي أنا. أولا أعرف أو أعتقد أن هذا مرض وراثي حسب الأبحاث وغيره، الموضوع أنه تقدم لي عريس، وتمت الخطبة بالفعل، ومنذ هذا اليوم وأنا أفكر أنه ليس من حقي، لأن ربنا عرفنا حقيقة معينة(المرض بالعائلة) لحكمة ما، لست أعرف ما المفترض أن أفعل هل أوافق أو لا؟ لكن من حق الشخص المتقدم أن يعرف أو بالأصح سوف يعرف يوما ما. اعذرني لكن أنا فقط أسرد خواطر لأني غير قادرة على تنظيم فكرتي، فاحتملني. أفكر في الموضوع من كذا ناحية. أولا: مدى إلزامية أني أقول، أنا فكرت في أن أرفض أي أحد بدل أن أفضح أخي وأسرتي، خاصة أنه ابتلاء خاص به .لأني لو لم أقل وسار الموضوع عادي. فهل هنا معنى الخيانة أني أخفيت على أحد كان من حقه أن يتحرى تحسين ذريته قدر المستطاع. ثانيا: الحكمة أن الله عرفنا بهذا الأمر، أكيد في أسباب يجب أن تتخذ (أنا أركز على موضوع الزواج فقط) بشأنه، يعني لا نسكت وخلاص أكيد هناك شيء ربنا طلبه منا. يمكن ننسى هذا الجانب من الدنيا ونصبر ونرضى بقدرنا(عدم الزواج). هل لو أقل وتم الموضوع عادي أكون بهذا ظلمت الطرف الأخر؟ ثالثا: أنا خايفة أن يغضب الله مني بسبب تفكيري هذا لكن أتمنى مثل أناس كثيرين أن تكون ذريتي معافاة ومنتجة(ليس قصدي محاولة الهروب من ابتلاءات القدر ومسؤوليتها، حاشا لله) وأعلم أنه لا علم لنا بالقدر فقد تكون ذرية معافاة سليمة لكن أريد أحدا ينصحني . سألت شيخا قبل هذا وقال لي إنه لا يجوز أن أخبره وأعطل عني الزواج. ولم يسند قوله بالأدلة اللازمة. أنا تعبت من نظرة المجتمع لكل شيء، أنا أريد رأي الدين والطب في الموضوع. أنا الحمد لله كان عندي إيمان قوي ويقين أن كل هذا نعمة من عند ربنا لكن لا أعرف لماذا أنا خائفة يكون إيماني ضعف بسبب تفكيري هذا لدرجة أني أفكر أن أي فرحة في نظرنا كبشر( العريس وفرحة أمي) ما هي إلا ابتلاء لي وفتنة (لما أوصلتني إليه من تفكير زحزح كل ما كنت أومن به وبقوة) ففكرت أيضا أو قررت إني أرفض أي شيء حتى ولو كان بمفهومنا سعادة ) طالما أنه يبعدني ولو ذرة عن ربي وما كنت فيه -عن جد- من حلاوة رضى وانتظار ثواب الآخرة .ففكرت أن من الأفضل الزواج في الآخرة إذا كان هذا غير مقدرا لنا بالدنيا. بدأت أشعر أنه ليس من حقي أن أعيش مثل باقي البنات حياة عادية ،لأن ظروفي غير عادية، أن لا أنسى حقيقة نفسي وظروفي وأرضى بالمقسوم ولا أظلم أي أحد معي ليس مجبرا أن يعيش حياة تحتاج إلى مشقة وجهد وإيمان. دعوت ربنا كثيرا أنه لو كان قدر لي الزواج أن يرزقني بمؤمن قوي الإيمان بالله، لأنه في غير تلك الحالة لا أحد في مجتمعنا يستوعب أي شيء. هل لو اكتمل الزواج بالفعل أكون ظالمة للطرف الآخر ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فجزاك الله خيرا على تحريك الحق والصواب وما يرضي الله جل وعلا، ونسأل الله سبحانه أن يزيدك تقوى وورعا، وأن يجعل لك ولأسرتك من كل ضيق فرجا، ومخرجا.
أما عن الحكم الشرعي في حالتك هذه فإنا نقول:
لا يلزمك إخبار الخاطب بمرض أخيك بل ولا ينبغي ذلك لأنك ستفتحين عليه باب وسوسة وشر، والذي يلزم الإخبار به إنما هو العيوب التي توجد بالزوجة وتحول بين الرجل وبين الاستمتاع بزوجته أو كمال الاستمتاع بها كالجنون والبرص والجذام، وانظري الفتوى رقم: 19935.
وأما ما تخشين منه من أمر العدوى وانتقال المرض لذريتك فهذه محض ظن، لا ينبني عليه شيء، فإن الأمراض لا تنتقل بنفسها وإنما تنتقل بقضاء الله وقدره، وهذا معنى قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: لا عدوى ولا طيرة. متفق عليه.
قال العلماء: معنى الحديث لا عدوى إلا بإذن الله، وقدره، فالأمراض لا تنتقل بنفسها، وإنما المرض والصحة بيد الله تعالى.
والعدوى وانتقال المرض من الآباء أو الأمهات إلى الأولاد ليس أمرا قطعيا، بل قد ينتقل وقد لا ينتقل، وكم من صحيح سليم خرج من ذريته سقيم عليل، وكم من سقيم عليل خرج من ذريته صحيح سليم، وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا عدوى ولا صفر ولا هامة، فقال أعرابي: يا رسول الله: فما بال الإبل تكون في الرمل كأنها الظباء فيخالطها البعير الأجرب، فيجربها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فمن أعدى الأول.
قال الإمام ابن حجر في فتح الباري: المراد بنفي العدوى أن شيئا لا يعدي بطبعه، نفيا لما كانت الجاهلية تعتقده أن الأمراض تعدي بطبعها من غير إضافة إلى الله، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم اعتقادهم ذلك، وأكل مع المجذوم ليبين لهم أن الله هو الذي يمرض ويشفي، ونهاهم عن الدنو منه ليبين لهم أن هذا من الأسباب التي أجرى الله العادة بأنها تفضي إلى مسبباتها، ففي نهيه إثبات للأسباب، وفي فعله إشارة إلى أنها لا تستقل، بل الله هو الذي إن شاء سلبها قواها، فلا تؤثر شيئا، وإن شاء أبقاها فأثرت. انتهى.
وانظري الفتوى رقم: 49913.
والحاصل أنه عليك أن تقبلي على الزواج ما دام قد تيسر لك، ولا تتردي في أمره.
والله أعلم.