عنوان الفتوى : فضل إعانة الناس والتيسير عليهم
أسافر كثيرا بسبب ظروف عملي، وفي الطريق هناك ـ دائما ـ من يلوح لي بأن آخذه في طريقي، ومعظمهم من أمناء الشرطة، والقليل منهم كبار في السن، والحقيقة أنني كنت في الأول أساعدهم وآخذهم في طريقي، بل كنت أملأ السيارة ـ أحياناـ منهم، وفي أحد الأيام ركب معي 3 أفراد وأخذوا يعاملونني وكأنني سائق أجرة، وأخذوا يعبثون في السيارة، وبعدها قررت قرارا نهائيا لا رجعة فيه أنني لن أقف لأي مخلوق حتى لو كان شيخا كبيرا فهل عدم مساعدتي للآخرين تعتبر ذنبا؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالأصل خلو ذمة العبد من كل التبعات إلا ما ألزم به الشرع ـ كالزكاة في حق أهلها ـ هذا من ناحية الوجوب، وأما من ناحية الاستحباب والفضيلة ففعل الخير وبذل المعروف من رغائب هذه الشريعة الغراء.
وعلى ذلك، فوقوف السائل الكريم بسيارته لإركاب من يحتاج إلى نقل: الأصل فيه الاستحباب لا الوجوب، وقد يعرض له الوجوب في بعض الأحوال ـ كأن يوجد من سيهلك أو يُغصب ماله أو ينتهك عرضه، إذا لم يركبه.
على أننا ننصح السائل الكريم بأن يعدل عن قراره، وأن يرجع إلى جميل ما كان يصنع من إعانة المسلمين والإحسان إليهم بتوصيلهم، حتى ولو لم يأثم بترك ذلك، فقد حض النبي صلى الله عليه وسلم وأكد على ذلك، فقال صلى الله عليه وسلم: من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل من زاد فليعد به على من لا زاد له، قال أبو سعيد الخدري: فذكر من أصناف المال ما ذكر حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل. رواه مسلم.
ثم لا يخفى على السائل الكريم أن الجزاء من جنس العمل، فمن أعان المسلمين ويسر عليهم ورفق بهم، أعانه الله ويسر عليه ورفق به.
وأما ما ذكره السائل الكريم من شأن الثلاثة الذين ركبوا معهم، فإنه يسعه أن لا يحمل معه أمثالهم من المستهترين، فلا ضرر ولا ضرار.
والله أعلم.