عنوان الفتوى : التشهد بأنواع مختلفة من الصيغ المأثورة
أحيانا أتأخر عن صلاة الجماعة فلا أدرك الإمام إلا بعد ذهاب ركعة أو أكثر، وأحيانا لا أدركه إلا وهو في الركعة الأخيرة فأتشهد معه بأحد الصيغ الوارة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكن هل يجب أن أبقى على هذه الصيغة في هذه الصلاة أم يجوز أن أقول أكثر من صيغة في التشهد فتكون هناك صيغة عند الركعة الأخيرة مع الإمام وصيغة أخرى في الركعة الأخيرة لي؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أن كل صيغ التشهد الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم جائزة، فمهما تشهد العبد بأيها أجزأه، وإنما خلاف العلماء في أيها أفضل.
قال في حاشية الروض: واتفق العلماء على جواز التشهدات كلها، الثابتة من طريق صحيح، قال الشيخ: كلها سائغة باتفاق المسلمين، وتقدم أن أصل أحمد استحسان كل ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم. انتهى.
وبهذا تعلم أنه لا حرج عليك إذا تشهدت بهذا التشهد أو ذاك، ولا يضر كذلك إن تشهدت بهذا مرة وبهذا مرة ولو في صلاة واحدة ما دمت تأتي بالواجب عليك من التشهد، بل قد رجح بعض العلماء أن المسنون للمسلم في العبادات الواردة على وجوه مختلفة أن يفعل هذا مرة وهذا مرة لئلا يهجر شيئا من السنة بل يكون آتيا بجميع السنة، وهذا ما قرره الشيخ العثيمين في الشرح الممتع في غير موضع، ومن كلامه في ذلك: والأفضل أن تَفعلَ هذا مرَّة، وهذا مرَّة؛ ليتحقَّقَ فِعْلُ السُّنَّةِ على الوجهين، ولبقاء السُّنَّةِ حيَّة؛ لأنك لو أخذت بوجهٍ، وتركت الآخر مات الوجهُ الآخر، فلا يُمكن أن تبقى السُّنَّةُ حيَّة إلا إذا كُنَّا نعمل بهذا مرَّة، وبهذا مرَّة، ولأن الإِنسان إذا عَمِلَ بهذا مرَّة، وبهذا مرَّة صار قلبُه حاضراً عند أداء السُّنَّة، بخلاف ما إذا اعتاد الشيء دائماً فإنه يكون فاعلاً له كفعل الآلة عادة، وهذا شيء مشاهد، ولهذا مَن لزم الاستفتاح بقوله: «سبحانك اللهمَّ وبحمدك» دائماً تجده مِن أول ما يُكبِّر يشرع «بسبحانك اللهم وبحمدك» مِن غير شعور؛ لأنه اعتاد ذلك، لكن لو كان يقول هذا مرَّة، والثاني مرَّة صار منتبهاً، ففي فِعْلِ العباداتِ الواردة على وجوهٍ متنوِّعة فوائد: 1: اتباع السنة. 2: إحياء السنة. 3: حضور القلب. انتهى.
والله أعلم.