عنوان الفتوى : وجوب رد الحقوق إلى أهلها مسلمين كانوا أو كفارا
كيف يمكنني أن أرد إلى الناس حقوقهم ـ سواء كانت أشياء ظلمتهم فيها، أو مالا أخذته منهم بغير حق، أو غير ذلك من مظالم العباد؟ مع العلم أن هناك أناسا لا أدري أين هم الآن؟ ولا أدري أين يسكنون؟ وهل هم أحياء أم أموات؟ وهل رد مظالم العباد تخص ـ فقط ـ المؤمنين؟ أم جميع الناس على اختلاف عقائدهم؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن عليك أن تؤدي إلى كل ذي حق حقه ـ سواء كان مسلما أو كافرا غير محارب ـ أو تطلب منه السماح به قبل أن يأتي يوم يكون فيه أداء الحقوق بالحسنات، فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم ولا متاع، فقال إن المفلس من أمتى يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته ـ قبل أن يقضى ما عليه ـ أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار. رواه مسلم.
فإن كانت هذه الحقوق مادية، ولم تعرف أصحابها ولا ورثتهم، أو لم تستطع الوصول إليهم تصدقت بها عنهم، فإن جاءوا يوما من الأيام وقبلوا تصرفك فيها بالصدقة عنهم فبها ونعمت، وإلا كان لك أجر الصدقة، وعليك أن ترد لهم حقوقهم، وإذا لم تكن الحقوق مادية، فعليك أن تكثر لأصحابها من الدعاء وتذكرهم بخير في المجالس والأماكن التي اغتبتهم فيها أو ذكرتهم فيها بشر، فإذا فعلت ما تستطيع وعلم الله تعالى صدقك في رد تلك الحقوق إلى أهلها وعجزك عنها، فقد يردها عنك ويتكفل بأصحابها يوم القيامة، فقد قال الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن:16}. وقال تعالى: لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا {البقرة:286}.
وقد سبق بيان ما ذكرنا بالأدلة والتفصيل وأقوال أهل العلم في الفتاوى التالية أرقامها: 44389، 98718، 106916، 118935، 105407، فنرجو أن تطلع عليها للمزيد من الفائدة.
والله أعلم.