عنوان الفتوى : حكم كتابة الطلاق برسالة عبر الهاتف دون نية إيقاعه
منذ أشهر أقدمت على خطبة فتاة، وعقدنا عقد القران ـ كتب الكتاب ـ لدى شيخ بحضور الأهل وولي أمر الفتاة وشهود، ومن المقرر أن يتم الزفاف بعد 8 أشهر. لم أدفع المهر ـ بالاتفاق ـ لظروفي، ولكن قدمت كل ما هو مطلوب مني ـ من شبكة وهدايا وغيره. ومنذ ذلك الحين وأنا أعتبرها زوجتي ـ حلال علي ـ أستمتع بها وتستمتع بي وهي عزيزة على نفسي وأصبحنا نلتقي واختليت بها مدة أسبوع ببيتي وحصل بيننا قبلات ولمس إلى غير ذلك من الكثير من ما يحل للزوج، لكن دون فض غشاء البكارة، وفي أحد الأيام ـ وعبر الهاتف ـ تشاجرت معها ـ ومن شدة غضبي وقهري ـ أرسلت لها رسالة على الهاتف: اعتبري نفسك مطلقة من الآن ـ وبعدها بثوان ندمت ندما شديدا، وقد أرسلت الرسالة بهدف قهرها وإحساسها بجدية الموقف ـ فقط ـ ولست أريد ـ فعلا ـ الطلاق أو الفراق، ففي نفسي وقلبي أريدها وأحبها، ولكن كنت بحالة غضب وقهر أحسست أنني أريد فعل أي شي لأكرهها وأقهرها وأجعلها تندم. ولم أكن أعلم أن الطلاق من الممكن أن يقع في هذه الحالة بقولي: تعتبري طالقة. أريد الاستمرار معها ولا أود الانفصال وقد وعدت نفسي أن لا تخرج مني كلمة طلاق مرة ثانية. أتمنى من فضيلتكم إجابتي على أسئلتي: 1ـ هل وقع الطلاق؟. 2ـ هل الخلوة بيننا خلوة صحيحة؟ وهل هي في حكم الدخول؟. 3ـ كيف أرجعها إن كان الطلاق قد وقع؟ وهل لها عدة وهي تعيش في بيت أهلها، حيث لم يتم الزفاف بعد لنكون في بيت واحد؟. أفيدوني جزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالطلاق برسالة عبر الهاتف له حكم الطلاق كتابة، فإن نواه الزوج وقع، وإلا فلا، قال ابن قدامة في المغني: إذا كتب الطلاق، فإن نواه طلقت زوجته ـ وبهذا قال الشعبي والنخعي والزهري والحكم وأبو حنيفة ومالك، وهو المنصوص عن الشافعي ـ وذكر بعض أصحابه أن له قولا آخر: أنه لا يقع به طلاق ـ وإن نواه ـ لأنه فعل من قادر على النطق، فلم يقع به الطلاق كالإشارة.
ولنا: أن الكتابة حروف يفهم منها الطلاق، فإذا أتى فيها بالطلاق وفهم منها ونواه وقع كاللفظ.
انتهى.
كما أن قول الزوج: اعتبري نفسك مطلقة ـ ليس صريحا في الطلاق، وإنما هو من الكناية، كما تقدم في الفتوى رقم: 55784.
وبناء على ذلك، فلا يلزمك طلاق ـ إذا كنت لم تنوه بتلك الرسالة ـ وبالتالي، فلا تحتاج إلى مراجعة زوجتك، لعدم وقوع الطلاق أصلا، وللفائدة: فالرجعة تحصل بما تقدم في الفتوى رقم: 30719.
أما إذا كنت نويت إيقاع الطلاق لقهر زوجتك ـ كما زعمت ـ فإن الطلاق واقع وندمك بعده لا يمنع وقوعه، لكن يمكنك إرجاع زوجتك خلال العدة.
فالخلوة الخاصة ـ على الوجه الذي ذكرت ـ تقوم مقام الدخول عند جمهور أهل العلم، حيث يترتب عليها استحقاق جميع المهر مع لزوم العدة، إلى آخر ما ذكرناه في الفتوى رقم: 43479.
والرجعة تصح من غير إشهاد، ولمعرفة كيف تحصل الرجعة انظر الفتوى رقم: 56478.
والله أعلم.