عنوان الفتوى : شراء بيت عن طريق البنك
أتمنى من الله أن يحسن خواتيمكم إن شاء الله ويجزيكم خيرا عن هذا الموقع... أما بعد فهذه ليست المرة الأولى التي أستفتيكم فيها لكن هناك أمر جديد وأنا متأكدة أن أشخاصا كثر قبلي استشاروكم في هذا الموضوع.. الموضوع هو القروض البنكيةفي البداية اسمحوا لي أن أثقل عليكم ببعض التفاصيل: أنا متزوجة وأعيش مع زوجي في بيت بالإيجار، إيجاره الشهري 150 دينارا أردنيا، راتبي 700 دولار وراتب زوجي 900 دولار، والحمد لله مئة مرة والشكر لأن رواتبا جيدة جداً خصوصاً مع غلاء المعيشة الذي نعاني منه، الأمر هو أن البيت الذي نسكن فيه قضينا فيه سنة ونصفا تقريباً وبدأنا نعاني من بعض السيئات الموجودة فيه لذا فكرنا باستئجار بيت آخر،، لكن المنطقة التي نريد أن نستأجر بها إيجاراتها غالية نوعا ماً، وجدنا بيتا مناسبا جداً وكبيرا وقريبا من الأهل ومن العمل لكنه ب 230 دينار أردني، بدأنا بالتفكير لماذا علينا ان ندفع كل شهر مبلغا معينا للبيت وهو بالآخر ليس لنا. لذا فكرنا أن نشتري بيتا ونتملكه، الملك لله طبعاوأكيد لا يوجد معنا مبلغ للدفعة الأولى للبيت،، حتى لو بعنا المصاغ الذهبية لن يكفي للدفعة الأولى،زوجي وأنا نرفض القروض لأنها حرام كما هو معروف، خصوصاً أن البنوك لدينا تطلب تأمينا على الحياة وعلى البيت حتى تعطينا القرض ،وزوجي رافض للموضوع تماماًلكن بعض الشيوخ لدينا قالوا لزوجي إنه لا يوجد طريقة لشراء بيت غير هذه الطريقةيوجد بنوك إسلامية غيرت مسمى الفائدة إلى المرابحة،، علماً أن فائدتها تكون عالية جداً جداً لكنها لا تطلب تأمينا على الحياة، اما البنوك الثانية فائدتها تكون قليلة وتطلب تأمين الحياةعندما بدأنا ب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه ويباعد بيننا وبين معاصيه ويحبب إلينا الإيمان ويزينه في قلوبنا ويكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان ويجعلنا من الراشدين إنه ولي ذلك والقادر عليه... ثم اعلمي أيتها الأخت الكريمة أن الربا من المحرمات القطعية نهى الله عنه وحذر منه، فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ* فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ {البقرة:278-279}، وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اجتنبوا السبع الموبقات.. فذكر منهن: أكل الربا. وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم: آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه، وقال: هم سواء. رواه مسلم.
فلا يجوز الإقدام عليه اختياراً لكن من ألجأته الضرورة ودعته الحاجة إلى شيء منه أذن له فيه، قال تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ {البقرة:173}، ولا نرى فيما ذكرت ضرورة تبيح لكما الإقدام على الاقتراض بالربا، فالضرورة تعرف بأنها بلوغ المكلف حداً إن لم يتناول الحرام هلك أو قارب على الهلاك، ومن وجد مسكناً يسكنه بالأجرة أو وسيلة مشروعة لتمويل مسكن يبنيه ونحوه لم يكن مضطراً إلى الربا ، قال الشيخ المودودي: لا تدخل كل ضرورة في باب الاضطرار بالنسبة للاستقراض بالربا، فإن التبذير في مجالس الزواج ومحافل الأفراح والعزاء ليس بضرورة حقيقية، وكذلك شراء السيارة أو بناء المنزل ليس بضرورة حقيقية، وكذلك ليس استجماع الكماليات أو تهيئة المال لترقية التجارة بأمر ضرورة، فهذه وأمثالها من الأمور التي قد يعبر عنها بالضرورة والاضطرار ويستقرض لها المرابون آلافاً من الليرات لا وزن لها ولا قيمة في نظر الشريعة، والذين يعطون الربا لمثل هذه الأغراض آثمون. انتهى.
وخلاصة الأمر أن الاقتراض بالربا من المحرمات القطعية الثابتة التي لا مجال للتلاعب بها، ولا يباح الاقتراض بالربا إلا في حالة الضرورة، وأن الضرورة تقدر بقدرها، ولا يدخل تملك المسكن في ذلك ما دام المرء يجد سكناً يؤيه هو ومن يعول ولو بإجارة بدون أن تلحقه مشقة يعجز عن تحملها، كما أنه يوجد بنك إسلامي يمكنكما إجراء معاملة مشروعة معه كعقد استصناع أو مرابحة ولو كان ربحه أكثر من الفوائد الربوية، لكن بركة الحلال خير والربا ممحوق البركة، قال تعالى (يمحق الله الربا)، فلا تدخلا الحرام بيتكما ولا تتقحما حدود الله عز وجل، وترتكبا ما نهى عنه وحذر منه من الربا.
والله أعلم.