عنوان الفتوى : موقف الموظفة إذا تعرضت للظلم من رئيسها
أعمل بكل جهدي لأحتسب الأجر من ربي قبل مسؤولي، ولكن مسؤولي ظالم، لأنني لا أتكلم وطيبة يجعل كل العمل علي, ولأن غيري يتكلم ويهاوش وأرى أنهم لا يعملون مثلي، هل يجب علي أن أعمل مثلهم، لأن الساكت عن الحق شيطان أخرس أو آخذ أجري من ربي؟ وأسألك يا شيخي الدعاء لي، لأنني أحس بضيق شديد من هذا الأمر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالذي يجب على من تولى مسؤولية معينة أو وظيفة أن يقوم بحقها فإن ظلمه رئيسه في العمل فليتوجه إلى الطرق المشروعة للتظلم لينال حقه، فإن لم يصل إلى حقه فليؤد الذي عليه وليسأل الله الذي له ويفوض أمره إلى الله، ويدعو الله أن ينصره على من ظلمه وأن يدفع عنه ظلم الظالمين فإن الله ناصره ولو بعد حين وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: اتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ. رواه البخاري ومسلم.
وعن أبي موسى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل يملي للظالم فإذا أخذه لم يفلته ثم قرأ :{وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد}. [سورة هود:آية 102]. رواه البخاري ومسلم.
وظلم الرئيس في العمل لا يسوع ترك قول الحق الواجب أو السكوت على الباطل، ولكن هذا مشروط بالقدرة على قول ذلك والاستطاعة ، وقد بينا في الفتوى رقم: 78716. مراتب إنكار المنكر ومتى يكفي الإنكار بالقلب.
ولا ندري ماذا يفعل بقية الموظفين مع رئيسهم حتى نقول لك افعلي أو لا تفعلي، ولكن الواضح من سياق سؤالك أن فعلهم غير مشروع، فإذا كان الأمر كذلك فلاشك أن الاقتداء بهم في فعلهم السيء لا يجوز، وأن الصبر والدعاء وسلوك السبل المشروعة للتظلم هو المطلوب في مثل هذا الموقف.
ونسأل الله أن يشرح صدرك ويفرج كربك وأن يهدي رئيسك ويكف ظلمه عنك، ونذكرك بهذا الحديث العظيم الذي رواه الإمام أحمد والترمذي وصححه الألباني وغيره عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ كُنْتُ رَدِيفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا غُلَامُ أَوْ يَا غُلَيِّمُ أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهِنَّ فَقُلْتُ بَلَى فَقَالَ احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ تَعَرَّفْ إِلَيْهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ، وَإِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ قَدْ جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ فَلَوْ أَنَّ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ جَمِيعًا أَرَادُوا أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَكْتُبْهُ اللَّهُ عَلَيْكَ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ وَإِنْ أَرَادُوا أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَكْتُبْهُ اللَّهُ عَلَيْكَ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ فِي الصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُ خَيْرًا كَثِيرًا وَأَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا.
وعليك بأدعية الكرب والهم التي ثبتت عن نبينا صلى الله عليه وسلم وقد ذكرنا طرفا منها في الفتوى رقم: 103409، فراجعيها، ولمعرفة ضوابط جواز عمل المرأة راجعي الفتوى رقم: 28006.
والله أعلم.