عنوان الفتوى : زواج المرأة بأكثر من رجل.. مفاسد ورذائل
شكرا لكم على الإجابة على سؤالي الذي برقم: 2248453، بخصوص عدم جواز جمع المرأة لأكثر من رجل في آن واحد، ولكن ـ يا أخي العزيز ـ هذه الإجابة ليست شافية ولا كافية لغير المسلم مع التقدم العلمي ـ هذه الأيام ـ الذي أصبح من الممكن من خلاله تحليل: دي إن إيه لإ ثبات النسب 100% للطفل، فسابقا عندما كنا نسأل سؤالا كهذا كنا نقول إنه من الصعب إثبات النسب الصحيح للمولود، ولكن الآن يمكن إثباته. رجائي منكم أن تبعثوا لي ـ أن أمكن ـ إجابة كافية لسؤالي، وإن تعذر ذلك فأرجو أن تفيدوني.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فابتداء ننبهك على أن أوامر الله تعالى ينبغي المسارعة إلى امتثالها ـ سواء أدرك العبد الحكمة من ورائها أم لم يدرك ـ ولا يجوز لأحد أن يعارض أوامر الله بهواه وخيالاته وآرائه الفاسدة، ولا بما تشتهيه نفسه ويوسوس به إليه شيطانه، قال تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا {الأحزاب: 36}.
ونحن قد أجبناك عن سؤالك وبينا لك أن جمع المرأة لأكثر من رجل محرم ـ لا خلاف في حرمته ـ وهذا بإجماع المسلمين, وتفصيل الأدلة في الفتوى رقم: 106048.
وذكرنا لك بعض الحكم والعلل من وراء ذلك منها: فساد الدنيا بسبب تغاير الأزواج وتقاتلهم.
ومنها: اختلاط الأنساب.
ونزيدك هنا بعض الحكم فنقول: إذا تزوجت المرأة بأكثر من رجل فمن تطيعه منهم؟ وماذا لو أمرها هذا بأمر وأمرها الآخر بخلافه؟ وماذا لو طلب منها أحدهم أن تصحبه في سفره أو تسافر لتقيم معه في مكان بعيد وطلب منها الآخر خلاف ذلك؟ ثم إذا حملت بجنين فكيف لنا أن نعلم من أي الأزواج هو ـ قبل ولادته؟ وإذا علمنا هل يجوز لغيره من أزواج هذه المرأة أن يطأها وهي حامل بولد غيره؟ وهل يرضى أبوه بذلك؟ ثم إذا ولدته كيف لنا بمعرفة نسبه؟ والعجب أنك تقول يمكن ذلك بتحليل الحامض النووي, فهل هذا متاح لكل أحد؟ ثم ما الحاجة إليه إذا كان الله قد شرع صراطا مستقيما ودينا قويما لثبوت نسب الأولاد من آبائهم؟ وكيف بعد ذلك نعرَّض المرأة للفاحشة الصريحة والدعارة الرخيصة بحجة أننا قادرون على تمييز نسب الأولاد بتحليل الحامض النووي؟ وقبل هذا كله هل يرضى أحد مستقيم الفطرة سوي النفس أن تتكشف عليه امرأته فيصيب منها ما يصيب الرجل من امرأته ثم تخرج من عنده في ذات الوقت فيصيب منها الآخر وهكذا؟ لا شك أن هذا كله مما تقشعر منه الأبدان وتشمئز منه القلوب السليمة.
وأما قولك إن هذا مما لا يقتنع به غير المسلم فعجب من العجب, فكيف تجعل الدين المنزل من عند رب العالمين مجرد آراء تعرض على عقول الناس القاصرة فهذا يقبلها وهذا يردها وهذا يزيد عليها وذاك ينقص منها؟! والعجب أنك اخترت الكفار وأنت خبير بنفوس هؤلاء القوم وفطرهم وأن الأغلبية الغالبة منهم قد انتكست فطرهم ومسخت قلوبهم وعقولهم فكثير منهم يستحلون الزنا واللواط كالماء الزلال، وترى كثيرا منهم يرى الرجل مع زوجته وأمه وأخته وابنته فلا يحرك ساكنا، وتعلم أن كثيرا منهم ـ الآن ـ يدعون لتقنين اللواط والسحاق وسن التشريعات لزواج الرجل بمثله والمرأة بمثلها، بل قد أصبح هذا واقعا حيا بمباركة بعض الكنائس في بلاد الغرب, وأنت تعلم أن من هؤلاء القوم من لا يبالي إذا فعلت الفاحشة بأمه أو أخته أو سائر محارمه, بل قد انتشر فيهم فعل الفواحش بالبهائم ـ سواء في ذلك الرجال والنساء ـ وغير ذلك كثير, أفبعد ذلك كله تطلب قناعة هؤلاء القوم ورضاهم؟ فإنهم ـ والله ـ لن يرضوا عنك ولن يقتنعوا بك إلا إذا اتبعت ملتهم وكنت على مثل ما هم عليه, بل إن الكثرة الغالبة فيهم الآن لا ترضى بمن هو على دينهم، ولكنه محافظ على أخلاقه، بل لا بد وأن يماثلهم ويشابههم فيما هم عليه من اتباع الشهوات, وصدق الله سبحانه إذ يقول: وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا {النساء: 27}.
جاء في تفسير الألوسي: أَن تَمِيلُواْ ـ عن الحق بموافقتهم فتكونوا مثلهم.
وعن مجاهد: أن تزنوا كما يزنون. انتهى.
والله أعلم.