عنوان الفتوى : حكم بيع الحمل في بطن الحيوان

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

سؤالنا عن مسألة عمت بها البلوى ـ أو كادت أن تعم بها ـ في البدو هنا عندنا في الخليج ملخصها كالآتي: يذهب الرجل إلى سوق الإبل فيشتري ناقة مثلا قيمتها لا تتجاوز 2000 ريال ثم يذهب بهذه الناقة إلى بعير ـ فحل مشهور ـ بصفات معينة ككون أولاده يتميزون بجمال الشكل: وهو ما يسمى عندنا ـ بالمزاين ـ أو كون أولاده يتميزون بالسبق في سباق الهجن أو غير ذلك من الصفات المرغوبة في هذا الفحل ـ وغالبا ما يرغب الناس عندنا هنا في المزيتين السابقتين ـ فيأتي هذا البدوي بناقته هذه التي لا تتجاوز قيمتها 2000 ريال ـ كما أسلفنا ـ إلى هذا الفحل لتلقح منه وعند ما يتم تلقيحها منه يذهب بها إلى أصحاب الإبل ليعرضها للبيع على أساس أنها قد لقحت من هذا الفحل المشهور فيبيعها ب100000 ـ مائة ألف ريال ـ علما بأن المشتري لم يعط فيها هذه القيمة التي تفوق قيمتها بأضعاف مضاعفة إلا رغبة في ما في بطنها من ذلك الفحل المشهور ويقول أحدهم هذا نصيبي قد يطلع الجنين بصفات أبيه فيبيعه بمليون وقد لا يأتي كذلك فيخسر ما دفعه، فما حكم هذا البيع؟ وما الفرق بينه وبين مسألة الملاقيح والمضامين المعروفة في الفقه؟. أجيبونا على وجه السرعة.

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

 فبيع الحمل أو الناقة الحامل له صور:

1ـ أن يتم بيع الحمل بمفرده: وهذا غير جائز، وهو  بيع الملاقيح والمضامين، قال ابن المنذر في الإجماع: وأجمعوا على فساد بيع المضامين والملاقيح. قال أبو عبيد: هو ما في الأصلاب وما في البطون. انتهى.

وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: وبيع المضامين: وهي ما سيوجد من ماء الفحل. وبيع الملاقيح: وهي ما في البطون من الأجنة.

 وذلك لحديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع المضامين والملاقيح وحبل الحبلة. ولما في ذلك من الغرر والجهالة، وللحديث: نهى عن بيع الغرر. انتهى.

وجاء فيها: اتفق الفقهاء على عدم جواز بيع الحمل وحده أو استثنائه من بيع أمه، لأن من شروط البيع أن يكون المعقود عليه موجودا مقدور التسليم. انتهى.

2ـ أن يتم  بيع الناقة الحامل مطلقا بلا شروط ولا زيادة ثمن لأجل الحمل:

 والأصل أنه جائز وهو مستثنى من بيع الغرر، وبيع الغرر محرم، قال أبو إسحاق الشيرازي في المهذب: روى أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم: نهى عن بيع الغرر. والغرر: ما انطوى عنه أمره، وخفي عليه عاقبته. انتهى.

وفي شرح ذلك يقول النووي في المجموع: الأصل أن بيع الغرر باطل، لهذا الحديث، والمراد ما كان فيه غرر ظاهر يمكن الاحتراز عنه، فأما ما تدعو إليه الحاجة ولا يمكن الاحتراز عنه كأساس الدار وشراء الحامل مع احتمال أن الحمل واحد أو أكثر وذكر أو أنثى ، وكامل الأعضاء أو ناقصها، وكشراء الشاة في ضرعها لبن ونحو ذلك، فهذا يصح بيعه بالإجماع، ونقل العلماء الإجماع ـ أيضا ـ في أشياء غررها حقير، قال العلماء: مدار البطلان بسبب الغرر والصحة مع وجوده على ما ذكرناه، وهو أنه إذا دعت الحاجة إلى ارتكاب الغرر ولا يمكن الاحتراز عنه إلا بمشقة، أو كان الغرر حقيرا جاز البيع، وإلا فلا. انتهى.

3ـ أن يتم بيع الناقة بشرط الحمل، أو يزاد في الثمن من أجل الحمل، وهذا البيع مختلف في جوازه، قال خليل في الكلام على البيوع الفاسدة: وكبيع حامل بشرط الحمل، قال في منح الجليل: وكبيع أنثى آدمية أو غيرها حامل بجنين في بطنها بشرط الحمل إن قصد به استزادة الثمن بأن كان مثلها إذا كان غير حامل يباع بأقل مما بيعت به. انتهى.

وقال النووي في المجموع: إذا باع حيوانا من شاة أو بقرة أو ناقة أو فرس أو جارية أو غيرها وشرط أنها حامل ففي صحة البيع خلاف مشهور، حكاه المصنف والجمهور قولين، وحكاه جماعة وجهين: أصحهما: عند الأصحاب الصحة، والثاني: البطلان، قال أصحابنا هما مبنيان على القولين المشهورين في أن الحمل هل يعرف أم لا؟ أصحهما يعرف، وله حكم، وله قسط من الثمن، والثاني: لا يعرف، ولا حكم له، ولا قسط من الثمن. انتهى.

وإذا كان الحمل بينا ظاهرا، فالظاهر جواز البيع المذكور.

والله أعلم.