عنوان الفتوى : معنى: لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً.
أنا مبتلى بكثرة الحدث ـ والحمد لله ـ أدخل قبل الصلاة دورة المياه لأخرج كل ما في البطن ـ أكرمكم الله ـ حتى لا تفسد صلاتي، ومع ذلك أخرج من الصف أثناء الصلاة في صلاتين على الأقل يوميا ويسبب لي هذا إحراجا شديدا، لأنه يتكرر يوميا وصار البعض يعلق على ذلك مازحا، وأنا أحب صلاة الجماعة ومداوم عليها إلا ما اضطررت إليه وأخرج من الصف بسبب يقيني بخروج ريح، لكن لا أسمع صوتا ولا أشم رائحة فقط أشعر بذلك مع العلم أن باقي الصلوات قد لا يحدث معي ذلك فيها، فهل أفعل كما قال صلى الله عليه وسلم للصحابي: لا تخرج حتى تسمع صوتا أو تجد ريحا. أو كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم. وهل المقصود بـتجد ريحا: هو شم رائحة؟ وهل يجوز لي حبس الريح ومنعه من الخروج حتى أكمل صلاتي تمشيا مع حالتي التي عرضتها عليكم؟ مع العلم أنني لا أعلم وقتا محددا لا تخرج فيه هذه الغازات من البطن لأصلي فيه، حيث أشعر بأنه لا توجد لدي غازات وبمجرد أن أشرع في الصلاة يخرج الريح ويتكرر معي بهذا الشكل، مع العلم أن عملي كأستاذ مرتبط بمحاضرات بوقت محدد مع وجود وقت يتخلل هذه المحاضرات لأداء الصلاة، فإن لم أصل في هذه الاستراحة قد يخرج وقت الصلاة لدخولي في المحاضرة التي بعدها.والأمر يحزنني جدا، أفتوني بفتوى خاصة. وجزاكم الله عني خير الجزاء، وآسف على الإطالة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فشكر الله لك حرصك على أداء الجماعة، واعلم أن معنى قوله صلى الله عليه وسلم: لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً. هو أن يحصل له اليقين بخروج الريح ولا يشترط السماع ولا الشم إجماعاً، قال النووي ـ رحمه الله: وقوله صلى الله عليه وسلم: حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً. معناه: يعلم وجود أحدهما ولا يشترط السماع والشم بإجماع المسلمين. انتهى.
فإذا تيقنت أنه قد خرج منك ريح فقد انتقض وضوؤك ـ سواء سمعت صوتاً أو شممت ريحاً أو لا ـ ولكننا نرشدك إلى أدب عال علمه النبي صلى الله عليه وسلم لأمته، ليرفعوا عنهم الحرج في مثل هذه الحال، وذلك فيما أخرجه أبو داود وابن ماجه من حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا أحدث أحدكم في صلاته فليأخذ بأنفه ثم لينصرف.
قال أبو الطيب العظيم آبادي في عون المعبود: قال الخطابي: إنما أمره أن يأخذ بأنفه ليوهم القوم أن به رعافاً، وفي هذا الباب من الأخذ بالأدب في ستر العورة وإخفاء القبيح والتورية بما هو أحسن وليس يدخل في باب الرياء والكذب، وإنما هو من التجمل واستعمال الحياء وطلب السلامة من الناس. انتهى.
وإذا كنت مصاباً بسلس الريح بحيث لا تجد في أثناء وقت الصلاة زمناً يتسع لفعل الطهارة والصلاة ـ تعلم أو يغلب على ظنك أنك ـ لا تحدث فيه، فإنك تتوضأ للصلاة بعد دخول الوقت وتصلي بوضوئك ذاك الفرض وما شئت من النوافل ولا يضرك ما خرج منك حتى يخرج وقت الصلاة، وانظر لبيان ضابط الإصابة بالسلس الفتوى رقم: 119395.
وأما إذا لم تكن مصاباً بالسلس فإنك تتوضأ وتصلي بصورة طبيعية فإذا غلبك الحدث فإنك تخرج من الصلاة وتعيد الوضوء والصلاة، فاعلاً ما أرشدناك إليه مما يندفع به عنك الحرج ـ إن شاء الله تعالى ـ
وأما الصلاة مع حبس الريح فإنها صحيحة ـ مع الكراهة ـ في قول الجمهور، فإن كانت المدافعة تطرأ في أثناء الصلاة فلا كراهة حينئذ في إتمامها، قال ابن مفلح في نكته على المحرر لمجد الدين ابن تيمية: ولم أجد أحداً صرح بكراهة صلاة من طرأ له ذلك في أثنائها، ولعل من أطلق العبارة رأى أن استدامة الصلاة ليست صلاة. وانظر الفتوى رقم: 8836.
والله أعلم.