عنوان الفتوى : كيف تتقرب إلى ربك وتعبده؟
الحمد لله، لا تفوت علي صلاة الفجر أبداً بالإضافة إلى أني غالباً ومن جديد لا تفوتني صلاة الضحى و قيام الليل وأجعل تلاوة القرآن وسماعه كعادة يومية، و الآن بصدد ترتيب أمر الصيام كل اثنين وخميس.ولكن سؤالي: ماذا أفعل أكثر من ذلك أشعر أن هذا قليل و أريد أشياء أكثر, أكبر, أعظم. أريد أن أعبد الله عبادة لا مثيل لها. كيف؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فشكر الله لك رغبتك في الخير وحرصك على العبادة، ونسأله تعالى لنا ولك المزيد من التوفيق، ثم اعلم أننا لسنا مأمورين بعبادة لا مثيل لها، ولكن الذي أمرنا الله به وشرعه لنا هو أن نستفرغ وسعنا فيما شرع لنا من أنواع العبادات، مجتهدين فيها ما استطعنا، متأسين في ذلك بالنبي صلى الله عليه وسلم الذي هو أعبد الناس لله تعالى، واستقصاء ما يمكن الاجتهاد فيه من أنواع القربات شيء يطول جدا ولكننا نضع لك بعض القواعد الكلية والأصول المجملة التي تعينك على التقرب إلى الله تعالى:
فأول ذلك الحرص على الفرائض والواجبات وعدم الإخلال بشيء منها، ففي الحديث القدسي: وما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضته عليه. رواه البخاري.
فتحرص على أداء الصلوات في أوقاتها في جماعة محافظا على الخشوع الذي هو لب الصلاة وروحها، وإذا وجبت الزكاة عليك بادرت بإخراجها في وقتها لمستحقها، وهكذا في جميع ما افترض الله عليك فعله، مثل بر والديك إن كانا حيين، وصلة أرحامك.
وثانيا: عليك بالإكثار من النوافل. ففي الحديث القدسي: ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها. رواه البخاري.
فتحرص على رواتب الصلاة وسننها القبلية والبعدية، وعلى صلاة الضحى وقيام الليل وعلى التنفل بالصلاة مطلقا في أي وقت أمكنتك الصلاة فيه سوى وقت النهي، فإن الصلاة خير موضوع كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وتكثر من الصدقة بما فضل من مالك عن نفقتك ونفقة من تلزمك نفقته، وإن استطعت أن تصوم يوما وتفطر يوما فذلك أفضل الصيام، وإن لم تستطع هذا ففي صيام ثلاثة من كل شهر أجر صيام الدهر، وصوم الاثنين والخميس قد ثبتت مشروعيته بالسنة الصحيحة ومهما اجتهد العبد فيما شرع من العبادات فإن الله لا يضيع أجر المحسنين.
وثالثها: عليك بحسن الخلق ومعاشرة الناس بالتي هي أحسن فتأخذ العفو وتأمر بالعرف وتعرض عن الجاهلين، وتحسن إلى الناس ما وسعك فتوقر الكبير وتحنو على الصغير وتكظم غيظك وتعفو عمن أساء إليك، فإن حسن الخلق من أهم العبادات وأولاها بالعناية، والعبد يبلغ بحسن خلقه درجة الصائم القائم كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ورابعها: خذ من العبادة ما تطيق، والقصد القصد تبلغ، ولا تحمل نفسك فوق طاقتها فتنقطع عن المواصلة والاستمرار وتكون كالمنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى، واعلم أن أحب العبادة إلى الله ما داوم العبد على فعله، وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أحب الأعمال إلى الله تعالى أدومها وإن قل.
وفي الصحيح أيضا عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الدين يسر ولن يشاد هذا الدين أحد إلا غلبه. والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.
والله أعلم.