عنوان الفتوى : حكم توكيل الغير بشراء بضاعة مقابل أجرة
أنا شاب أعمل في مجال شراء وبيع الهواتف، طريقة الشراء تكون علي النحو التالي: أتعامل مع شخص أرسله إلى محل معين في مدينة ثانية حيث إني في البداية أتصل بالمحل وأحدد الأنواع والأسعار، ثم أبلغ الشخص الذي سأرسله بالأنواع والأسعار وأسلمه جزءا من المال من قيمة البضاعة (الثلث تقريبا) على أن أكمل له بقية المال بعد أن يأتيني بالبضاعة وأسدد له البقية بعد بيع الهواتف مع إضافة مبلغ معين على كل هاتف (أجرة السفر وأتعابه) مثال ذلك: أتفق مع المحل بالاتصال الهاتفي على شراء 10 هواتف بسعر 1000 دولارأبلغ الشخص الذي سأرسله بالأنواع وبسعر الشراء وأني سأسلمه على كل هاتف يأتيني به مبلغ 10 دولاروأسلمه مبلغ 400 دولار ثم لما يأتيني بالهواتف وأبيعها أسلمه مبلغ 700 دولار (تشمل أسعار الهواتف و نصيبه). فهل هذه الطريقة في التعامل مع الشخص المرسل شرعية.؟ وإذا كانت هذه المعاملة شرعية هل يجوز لي أن أحمله مسؤولية الهواتف في الطريق يعني إذا وقعت أو سرقت الهواتف منه أو ضاعت هو يتحمل المسؤولية ويشتري لي هواتف أخري؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذه المعاملة لها احتمالان:
الأول: أن يكون الشخص المذكور وكيلاً عنك بأجرة معلومة، وهي كما في السؤال 10 دولارات لكل هاتف، وأخذ الأجرة على الوكالة لا بأس به.
جاء في الموسوعة الفقهية: اتفق الفقهاء على أن الوكالة قد تكون بغير أجر، وقد تكون بأجر، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم الأمران... وإذا اتفق الموكل والوكيل على الأجر وجب الأجر اتفاقاً. انتهى.
وهذه الأجرة يستحقها الوكيل بتسليم البضاعة، كما جاء في الموسوعة: يستحق الوكيل الأجرة بتسليم ما عهد إليه بتنفيذه إلى الموكل إن كان مما يمكن تسليمه... فمتى سلمه إلى الموكل فله الأجرة المتفق عليها. انتهى. وعلى ذلك فلا يصح تحميله مسؤولية الهواتف أثناء الطريق، إلا إذا تعدى وفرط، لأنه أمين والأمين لا يضمن إلا في حالة التعدي.
جاء في الموسوعة: الوكيل أمين، وذلك لأنه نائب عن الموكل في اليد والتصرف، فكانت يده كيده، والهلاك في يده كالهلاك في يد المالك كالوديع. وعلى هذا لا يضمن الوكيل ما تلف في يده بلا تعد، وإن تعدى ضمن وكل ما يتعدى فيه الوكيل مضمون عند من يرى أنه تعدى. انتهى. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 70372.
والإشكال في هذا التوصيف مع واقع ما يجري أنه مع كونه وكيلاً فهو مقرض، يقرض السائل ما يبقى من ثمن البضاعة التي وكل بشرائها، وهي كما في السؤال تقارب ثلثي الثمن، وهذا القرض مقرون، بمقتضى الاتفاق الذي بينكما باستحقاقه أجرة الوكالة فكأنه اشترط عليك توكيله مقابل إقراضك، وهذا من النفع الذي يفسد القرض، فإن القاعدة أن كل قرض جراً نفعاً فهو ربا.
وجاء في الموسوعة: قد يعرض للاستقراض ما يخرجه عن الجواز كحرمة الاستقراض بشرط نفع للمقرض. انتهى.
والاحتمال الثاني: أنه شريك لك بحصته من ثمن البضاعة مضاربة، وفي هذه الحالة لا يجوز أن يُقطع له قدر معين من الربح كالدولارات العشرة في السؤال، بل لا بد من الاتفاق على نسبة شائعة من الربح، وفي هذه الحالة أيضاً لا يضمن (أي لا تحمله مسؤولية الهواتف أثناء الطريق) إلا إذا فرط فإنه شريك ويده يد أمانة.
جاء في الموسوعة: اتفق الفقهاء على أن يد الشريك يد أمانة بالنسبة لمال الشركة أياً كان نوعها، لأنه كالوديعة مال مقبوض بإذن مالكه، لا ليستوفي بدله ولا يستوثق به، والقاعدة في الأمانات أنها لا تضمن إلا بالتعدي أو التقصير وإذن فما لم يتعد الشريك أو يقصر فإنه لا يضمن حصة شريكه، ولو ضاع مال الشركة أو تلف. انتهى.
والله أعلم.